أرجو المعذرة !

الصفحة الاخيرة 2020/12/04
...

حسن العاني 
 
سأزعم أنني انتمي الى فصيلة الادباء ليس بسبب امتلاكي هوية اتحاد الادباء العراقيين منذ زمن بعيد، بل لكوني نشرت عشرات القصص في افضل جرائدنا ومجلاتنا، وفي خارج العراق، وطبعت رواية وست مجاميع قصصية وكتابين في ميدان المقالة الصحفية، اقول لو صحّ هذا الزعم و تحليت بالجرأة، فأنا لا اخرج عن شريحة الادباء، التي تحمل الحزن في جيناتها، ويسري التشاؤم في دمائها وعروقها.
وبحكم هذه الجينات الموروثة او المكتسبة، وبتأثير التكوينة السوداء لشخصية الاديب، فقد وصلت الى حد اليأس من الشعب العراقي، وفقدت الثقة به مع الكثير من سوء الظن، ولم أتوان عن توجيه التهم القاسية له، من دون أن أنكر التأثير السيئ لانظمة الحكم على افكاري السوداوية، منذ أن أطاحت جمهورية العساكر الاولى بالنظام الملكي، الذي قاد افضل دولة للقانون والعدل والكفاءة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر، والى يومنا هذا .
من بين تهمي، وليس كلها، ان العراقيين قليلو الوفاء ولايحترمون الجميل ومستعدون للغدر بأقرب الناس اليهم، وما يشاع عنهم من نخوة وغيرة وعونة هي مجرد اقاويل، وكذلك ما يشاع عن كرمهم لايعدو عن كونه ادعاء وتباهياً وتفاخراً، الى غير ذلك من اساءات قد لا تصدر عن خصومهم، ولم اصرح بهذه الأفكار او احاور أحداً حولها، ليقيني ان الحوار لا يخدمني، وبمقدور أي مواطن ان يفهمني ويثبت لي، ان الاوصاف التي اطلقتها على الناس، يصعب العثور عليها، ولهذا كنت اتجنب خوض الحوارات، مثلما اتجنب المجاهرة باي من 
تلك التهم المعششة في رأسي، 
ربما بسبب موقف سيئ هنا او هناك.
قبل سنوات قلائل، كنت اقود سيارتي على الخط السريع، حين تعرض الاطار الى ثقب جعلني اركنهاجانباً، وكانت المفاجأة القاسية، أن الأطار الاحتياط ( السبير) غير صالح لأنه فقد هواءه، وزاد الوضع سوءا، ان ( موبايلي ) لم يكن معي، حيث نسيته مصادفة في البيت، كنت في حالة يرثى لها، وابحث عن مخرج من دون جدوى، ولعلها اقل من خمس دقائق، حيث توقفت فجأة سيارة اجرة، وسألني سائقها الشاب ( ها حجي ..خير .. مخلص بانزين؟!)، أوضحت له طبيعة المشكلة العويصة، ابتسم وهو يغادر سيارته، وبصمت احضر اطار مركبته الاحتياط ووضعه مكان اطار مركبتي المثقوب، ورفض أن يأخذ اطار مركبتي واكتفى بتسليمي ورقة كتب عليها رقم (موبايله)، ولم يسمع مني كلمة امتنان وهو ينطلق مسرعاً بمركبته، لا بد انني مثل كل العراقيين، اقدر مواقف الناس النبيلة، ولذلك اتصلت به في اليوم نفسه، وقصدت منزله في مدينة( الشعلة) مع اطاره وعلبة حلويات، ليس لأشكره فقط، بل قبل ذلك كي اعتذر لأهلي العراقيين عن سوء الظن.