«شباك أوفيليا».. الصراع بين الضحية ودكتاتورية السلطة

الصفحة الاخيرة 2020/12/11
...

بغداد: وائل الملوك
 
 
محاولة الكشف عن الصراع الأزلي بين الضحية ودكتاتورية السلطة وبين الجمال والقبح والحياة والموت، وتسليط الضوء عليها باسلوب مختلف، هذا ما استبينه المخرج مناضل داود من خلال عرض مسرحيته «شباك اوفيليا» من تأليف جواد الأسدي، وقدمها على خشبة المسرح الوطني، مساء الاربعاء الماضي ولمدة ثلاثة ايام متتالية ضمن منهاج الفرقة الوطنية للتمثيل.
شارك في العمل كل من الفنانة (زهرة بدن، اياد الطائي، آلاء نجم، حسن هادي، جاسم محمد، نظير جواد، أحمد شوقي وأمير إحسان)، فضلاً عن نخبة من الشباب الذين أسهموا بإنجاز هذا العمل، أما الموسيقى فكانت من تأليف المايسترو محمد أمين عزت.
المخرج مناضل داود كتب مضمونه على «فولدر» العمل، قائلاً: «النص يفتح شهية الإخراج (الخارطة الأصعب) بمفاتيحه الثرية، الممثلون السحرة، متعة البروفة، أسسوا معي هذا العرض لأنني أنتمي إليهم، استطعت تأثيث هذا العرض».
بينما كتب جواد الأسدي: «أقول لأي مخرج يريد التصدي لشباك اوفيليا، إنَّ هذا النص ينتظر الرجم والتنكيل بمعنى كسر المتوقع بحجر ضخم، كتبت هذا النص لا لكي أنتمي إليه وأبجله، إنما لكي يمرغه الإخراج الجديد بالوصل المختلف، الذي يجعل النص نفسه أكثر ألقاً ونضارة حتى لو أطيح به كله».
أما الممثل إياد الطائي، خلال حديثه لـ«الصباح»، فقال: «هاملت» أنموذج لكثيرين ينبعون من الماضي، ليصبوا في المستقبل، وهي شخصية مختلفة عما كتبه شكسبير"، معتقداً أنَّ »المؤلف كتب هذه الشخصية بعينه ورؤيته، التي قد تكون بشكلها العربي وترابطها مع الأحداث الآنية، وبالتالي «هاملت» يمثل رمز المتداعي المتأثر بالسلطة»، مشيراً الى أنَّ «التمارين على هذا العمل كانت قبل جائحة كورونا وتوقفت ثم عدنا بعد عودة الحياة لإكمال العمل وتقديمه بالصورة، التي أتوقع أنْ تكون مرضية للجمهور وللنخبة من المختصين».
بينما أشارت الفنانة آلاء نجم الى أنَّ شخصية «اوفيليا» تكشف عن حملها الثقيل لوضع البلد المحزن من خلال أحداث وصراعات حول السلطة، التي تتسبب بمقتل أخيها وحبيبها"، مؤكدة اشتغالها مع المخرج في البحث عن "مفردات تتجانس فيها المتناقضات داخل النفس البشرية (الأسود والأبيض) (الصح والخطأ) الى آخرها، وبالنتيجة ستبقى الضحية تستمتع بتأنيب السلطة القمعيَّة، في جدليَّة لا تنتظر إجابة، إنما تظل عالقة بين الفن والواقع».
أشاد بعض الفنانين والمختصين بالعرض، الذي عده البعض نقلة نوعية عن العروض التي قدمت مؤخراً، من بينهم د. سعد عزيز عبد الصاحب، قائلاً: «كنا بحاجة الى هذا العرض في هذه الفترة، فهو عملٌ يعيد للمسرح العراقي نهضته من السبات، لا سيما أنَّ النص لكاتب معروف وذي تاريخ عريق في المسرح، علاوة على أنَّ المخرج قدم العمل بمعالجة قوية، وهي ليست بالجديدة على اشتغالاته السابقة، وايضا اختيار الممثلين والمنتقين بشكل وآخر كان لهم صدى مهم جداً في هذا العرض».
أما الفنان طه المشهداني، فقال: «رغم وجود بعض الملاحظات الصغيرة لكنه مستمتعٌ بما قدم من عرض كشف عن قوة المؤلف والمخرج، وحتى الممثلين الذين قدموا أداءً كبيراً».
لكنه تساءل: «لماذا أفقدتمونا الأمل بمقتل هاملت؟ فهل هي إشارة من المخرج الى أننا ذاهبون الى اليأس والدمار بشكل نهائي».
من جهته بين المخرج ماجد درندش أنَّ «أي عرض مسرحي يعدُّ الأرض الخصبة له النص، فاذا كان جيداً سنشاهد عرضاً ممتعاً، أما إذا كان العكس فسنشاهد الخلل في منظومة العرض».
وأضاف «العديد من الكتاب اقتربوا من شكسبير، لكن إذا لم يكن المؤلف قادراً على خلق تشكيل لغوي أو منظومة فلسفية من خلال لغة شكسبير، فعليه أنْ يبتعد ويبحث عن لغة أخرى بعيداً عن منظومة شكسبير الشائكة».
أما أهم ما كتبه المخرج غانم حميد عبر صفحته في «الفيسبوك»: «لم يكن شكل العرض صعباً، ولم يكن بسيطاً بذات الوقت، بل هو الشكل الذي يحاكي المتفرج العراقي وهو يدخل المسرح ليشاهد عرضاً شعبياً مفهوماً، وله دلالاته الموحية الواضحة، فالمشاهد يا سادة ما زال بحاجة الى تمرين مشاهدة كما قال أستاذنا الراحل والمعلم قاسم محمد».
ليختتم حديثه برفع القبعة لجميع ملاك العمل.