العراق وصناعة الخوف

آراء 2020/12/14
...

 د. فاضل البدراني
 
عجبي على قيادات تنفيذية وتشريعية واستشارية عراقية، تفاجئ شعبها كل يوم بسيل من التصريحات، أشبه ما توصف بصناعة العقد، سبيلا للشؤم والنكسات والارهاصات في الحياة الاجتماعية، حتى أوصلت العراقيين لأعلى سلم الارتقاء، عالميا بالشعور السلبي والخوف من القادم بحسب آخر إحصائية عالمية.
وإقرارا بواقع عراقي مأزوم، فإن الأحوال العراقية، ليست بأفضل منها في أي زمن مر سابقا على شعبها، ذلك أن الصعاب تتوالى، والنكسات تتناسل، والإحباطات تتكاثر، وكثير من الإداريين، إن لم يكونوا مساهمين، في الفساد والتدمير والتشرذم، فإنهم يقبعون في زاوية مركونة، لا يقدمون، ولا يؤخرون، ومهمتهم البقاء في أماكنهم، والتمسك بكراسيهم.
 الضخ الإعلامي في كل صباح يأتي بصيغة تصريحات لمسؤولين، لا يحسنون فن إدارة المجتمع، لأنهم ببساطة لا يدركون حجم مسؤولياتهم، فيتحدثون بما لا يفقهون، ومنها على سبيل المثال، أن الاقتصاد العراقي سينهار في 2021، وان موازنته إن لم تقر، سيكون الحال الاقتصادي في غاية الحرج، وبعضهم من يجتهد، محذرا بأن السوق العراقية، التي تعتمد بنسبة 95 بالمئة، على واردات الصادرات النفطية، ستواجه انتكاسة، تجعل البلد، في وضع لا يستطيع، تسديد فاتورة الرواتب، وبعضهم من يتحدث، عن تقسيم البلاد ووووو.. الخ. 
التساؤل ماذا أبقيتم، للمراقب والمحلل السياسي، الذي يشكل الركن الآخر، في معادلة وصف الظاهرة العراقية بكل تفاصيلها، وجزئياتها الاقتصادية، والسياسية والأمنية والاجتماعية؟
أليس الأجدر بكم، أن تتحولوا الى محللين ستراتيجيين، وناقدين سياسيين واقتصاديين، ومختصين في دراسة الإشكالية العراقية، على شرط أن تتخلوا عن مسؤولياتكم التي فشلتم بها؟ أليس الأجدر بكم، أن تصرحوا للشعب عبر الإعلام، بما يصنع الأمل ويعزز من الشعور الإيجابي، في نفوس شعبكم، وتتركوا شأن المعارضة، والتحليل لأصحابها، لأنكم أصبحتم جزءا من الإشكالية في الظرف الراهن؟
أليس الأجدر بكم، أن تناقشوا تلك الأطروحات، التي تتحدثون بها للإعلام علنا، في غرف مكاتبكم الفارهة الجميلة، لمؤسسات خاوية ذاوية، تسجل تراجعا في العطاء في كل يوم؟ لأنكم بتصريحاتكم اللا مسؤولة هذه تصنعون الشؤم والبؤس، وتغرسون الشعور السلبي، في نفوس شعبكم، لا أدري مصدر الأسباب، التي تجعل كثيرا من المستشارين الاقتصاديين، والنواب والمسؤولين التنفيذيين، عن الجوانب الاقتصادية والاستثمارية في البلاد، يتعاملون مع الطرح الذي يخيف الشعب، ويقتل روحيته ويفصله عن العطاء؟.
 في كل بلدان العالم، تمثل المؤسسات المختلفة الاختصاصات، منظومة عطاء تكاملية، لهندسة الوضع العالم للبلد، كل منها تقدم للأخرى معالجات، تستهدف جميعها الحفاظ على النسق الحكومي، في توازن الوضع الاجتماعي، والإستناد الى أرضية صلبة، تتمثل بهيبة الدولة، فكيف بالأحوال الراهنة، التي جعلت مثل هذه الشخصيات المسؤولة، تضرب بقسوة في أعماق هيبة الدولة، لتجعل الإنسان يعيش فريدا خائفا مرتجفا، وقد تخلق منه، فردا فاقدا لصفة المواطنة، وربما منحرف.
دعواتي لهؤلاء، أن يتعاملوا مع الإعلام بما يخدم الوطن، ويعزز شعور المواطنة، لدى المواطن، ويتعاملوا مع مسؤولياتهم بما يضمن الاستقرار للبلد، كما يحصل في كل بلدان العالم.