سيكولوجيا التطبيع

آراء 2020/12/14
...

 سعد العبيدي 
 
 
لو كانت إسرائيل بعد آخر حرب لها مع العرب عام (1973) قد استمرت في مواجهاتها معهم تقليدياً أي باستخدام الطائرة والدبابة والمدفع، لما كانت وعلى الرغم من تفوقها العسكري على جميعهم، قد حققت ما حققته في هذه السنة التي شارفت على الانتهاء، إذ خرقت جدار الحصار العربي، وتمددت باتجاه الخليج تطبيعاً مع دولتي الامارات والبحرين، واستدارت بالاتجاه الأفريقي لتحقق المكاسب ذاتها مع المغرب والسودان، في حرب ناعمة لم تخسر فيها جندياً واحداً. 
لقد استثمرت إسرائيل في حربها الناعمة مع العرب، علاقاتها الجيدة مع أميركا، ووظفتها في التعامل مع مشكلات العرب (شداً وإرخاءً) جذب البعض منهم الى صفها واحداً بعد الآخر، وكأنهم يطلبون العون في حلها، فمثلاً لدى عرب الخليج مشكلة خوف من إيران، كبرت وتضخمت مع الأيام، فصارت تضغط، وبدلاً من السعي الى الحل توجهوا الى الاستقواء بإسرائيل سبيلاً للشعور بالقوة.
 ولدى المغرب مشكلة في الصحراء الغربية، أصبحت وكأنها عصية على الحل لعقود من الزمن، وبدلاً من الاتفاق مع أهلها على صيغة حل استجابت للتطبيع سبيلاً لاعتراف أقوى دولة في العالم بالسيادة عليها. 
والسودان لا تختلف عن هذه القاعدة، إذ زجها البشير في حكمه الإسلامي المتطرف طرفاً في الإرهاب الدولي، وبادلت الخروج من مأزقه بالتطبيع مع الدولة العبرية. 
لقد حققت إسرائيل في حربها الناعمة العديد من النقاط في العقل العربي الذي استقبل معطيات التطبيع بقدر من الهدوء لم يكن معهوداً من قبل، أما العرب الذين حققوا بعض المنافع في حلول لمشكلات، من  بينها التخفيف من حدة القلق، فستكون الحلول مؤقتة، لأن شكل الحكم في هذه المنطقة العربية منتج للمشكلات التي يسهل لإسرائيل استغلالها خطوات متتابعة لتكون السيدة الأولى في المنطقة.