الشاعر سيف الدين ولائي.. كلمات من صميم الحب

فلكلور 2020/12/16
...

 فلاح الخياط

ولد الشاعر الغنائي سيف الدين ولائي سنة 1915 في مدينة الكاظمية من أسرة كردية فيليَّة، درس في مدرسة (الفيصلية الابتدائية) التي كانت قائمة في محلة السوق الجديد بالكرخ وفي مرحلة المتوسطة أي في سنة 1928 فصل من الدراسة بسبب مشاركته في الانتفاضة ضد زيارة ألفريد موند لبغداد وكان معه من المفصولين المنلوجست عزيز علي ولم يعد الى المدرسة كبقية زملائه.

 
 
وهو أول العاملين في إذاعة قصر الزهور عند افتتاحها سنة 1936, زاول مهنة الخياطة في شارع النهر لعدة سنوات وقد كان يذهب الى الإذاعة والتلفزيون بالقارب بعد انتهائه من عمله، ويعدُّ من أبرز شعراء الاغنية العراقية، وتميزت كلماته بنكهة بغدادية خاصة. كتب مئات الأغاني لفنانين عرب وعراقيين منهم (سميرة توفيق اغنية (الله وياك), والمطربة فائزة أحمد أغنية (ما يكفي دمع العين), نرجس شوقي اغنية (شدعي اعليك يلي حركت كلبي)، الى المطربة راوية اغنية (ادير العين ما عندي حبايب), والى المطربة نهاوند (يابة يابة شلون عيون عندك يابه).
وكتب للفنانة حفصة حلمي والى الثلاثي المرح اغنية (لالاولو), والى انصاف منير اغنية (على ضيك ياكمر) وغيرهم.
ومن العراقيين كتب لياس خضر اغنية (من علمك ترمي السهم يا حلو بعيونك), وكتب لفاضل عواد, فاضل رشيد, وسليمة مراد, وعباس البصري, وللفنان رضا علي كتب نحو50 % من أغانيه منها (جيرانكم يا اهل الدار, واغنية حك العرفتونه وعرفناكم, ادلل عليها دلل)، وكتب للمطربة أحلام وهبي أغنية (عشاك العيون)، وغيرها وكذلك كتب للمطربة عفيفة اسكندر ولزهور حسين اغنية (غريبة من بعد عينج يا يمة) ولمائدة نزهت ولميعة توفيق وصبيحة ابراهيم وغيرهن.
وفي أحد اللقاءات الصحفية عندما سئل عن أقرب المطربين له أجاب أنه الفنان (رضا علي) لأنه شاركني في حيرتي وضيقي وقد وقف معي في الأفراح والأحزان وقد كنا سوية نعاني من التهميش من قبل النظام السابق بسبب أصلنا الكردي الفيلي.
آخر أغنيتين كتبهما الشاعر سيف الدين ولائي قدم الأولى منهما للمطرب عباس البصري (قدمت للولف من ورد الشباب والولف قدملي من شوك العذاب)، والأغنية الثانية (من علمك ترمي السهم يا حلو بعيونك) غناها الفنان ياس 
خضر.
حاربته السلطة السابقة قبل تسفيره وبعدة بطرق منها حجب الأغاني التي كتبها الولائي ولكنها أدركت أنَّ عملها هذا لا يجدي نفعاً، فابتكرت السلطة أسلوباً آخر هو عدم ذكر كاتب الأغاني، أما أغانيه القديمة فكانت تذاع على أنها من الفولوكلور العراقي القديم وهذا ما يفسر لنا عدم معرفة الكثير من العراقيين من أبناء هذا الجيل اسم الشاعر الولائي على الرغم من سماعهم أغانيه وطربهم لألحانها العذبة وكلماتها المؤثرة.
في سنة 1979 زار داود القيسي بيت الشاعر سيف الدين ولائي وخرجت ابنته وطلب منها أنْ تنادي أباها وخرج الأب ودار بينهما حديث معناه أنْ يمجد النظام مقابل إعطائه بيتاً وسيارة ومنصباً, لكنَّ شاعرنا رفض ذلك العرض لأنه لا يقبل أنْ يكون قلمه بوقاً لذلك النظام وبعد الرفض قام النظام بالتشديد عليه والمضايقة وفي يوم 12/ 5/ 1980 اقتحموا بيته واقتادوه مع أسرته الى خارج حدود الوطن بتهمة أنه ليس عراقياً عن عمر يناهز الـ65 سنة بدلاً من تكريمه وهو لا يمت لإيران بأية صلة وبعد عدة أشهر أصيب شاعرنا بالصمت وتوقف قلمه وشعر بالكآبة وغادر إيران الى سوريا ولازم مسكنه بحزنٍ شديدٍ خيم على ما تبقى من حياته وكانت أمنيته أنْ يعود الى العراق وانتهى به المطاف صريع الفراش والمرض، وفي يوم 25/ 11/ 1984 توفي في سوريا ودفن مع من سبقوه من أصدقائه مثل نازك الملائكة والشاعر الجواهري ودفن في مقبرة الغرباء قرب السيدة زينب.
استذكره العديد من الفنانين والشعراء والباحثين في مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العراقية أمثال الروائي صادق الجمل الذي أفرد له فصلاً روائياً كاملاً والذي كتبه عن حي الوشاش الشعبي الذي عاش فيه الشاعر وأسرته.