بعد أنْ شوهتها العشوائيات بغداد تُنظّم أسواقها الشعبيَّة
ريبورتاج
2020/12/19
+A
-A
تصوير: رغيب أموري سها الشيخلي
تنتشر الأسواق العشوائية في بغداد والمحافظات بشكل غير حضاري، مشوهة بذلك وجه العاصمة، وقد أوجدت الحاجة الماسة لتواجدها بعد زيادة البطالة في البلد، وكان لا بُد للعاطلين من إيجاد وسيلة لسد رمق الأسر بعد أن رفعت الدولة يدها عن مخرجٍ لعمل أصحاب الشهادات، فكيف بالذي لا شهادة له؟، فما كان منهم إلا تدبير الاكشاك والبسطيات لتكون امتداداً للأسواق العامة والشعبية، وازدادت في المناطق الفقيرة وفي الوقت الحاضر كثرت حتى في المناطق الراقية ومنها (المنصور وشارع فلسطين)، كما كثرت في شوارع الأماكن المقدسة منها الكاظمية والأعظمية.
غرامات
معاون مدير عام بلدية الكرخ المهندس علي خالد غضبان تحدث لـ(الصباح) عن الأسواق العشوائية في جانب الكرخ فقال: "إنَّ أسواق الكرخ أغلبها قديمة منها أسواق الشواكة والازرملي والعلاوي، وبعضها تعود الى زمن الدولة العباسية، وسبب تواجدهم على ارصفة الشوارع هو أنَّ أصحاب بعض المحتا لديهم بضاعة لا تكفي مساحة المحل لعرضها، فيعمل على إقامة بسطية أمام محله أو بالقرب منه، لتكون متحركة للبيع، أما الباعة المتجولون في منطقة العلاوي الشمالي وهم قرب المرأب، فشهرياً ننظم لهم حملات وهم غير ثابتين بل متنقلون ولديهم عربات، وفرض غرامة رادعة غير مجدية، فضلاً عن أننا وضعنا بعضهم في السجن، كما قمنا بتكسير بعض عرباتهم ولكن الوضع السياسي الحالي جعلنا نغض الطرف عنهم، وفي منطقة العلاوي الجنوبي فقد نظمنا تواجد الباعة المتجولين وأصبحوا يدفعون اشتراكاً ورسوم جباية ونظافة".
دراسة
وأكد المهندس غضبان أنَّ الغرامة غير رادعة فهم في كل مرة يذهبون ثم يعودون، وهذا ليس حلاً، وأمانة بغداد لديها دراسة لتوفير أسواق للباعة المتجولين، كما قمنا بتطوير بعض الاسواق الشعبية ومنها سوق الازرملي في العلاوي والذي يقع مقابل سينما بغداد، إذ قامت بلديتنا بإنشاء بوابة تراثية في مدخله وفيها شناشيل، والسوق معبد بطابوق ملون ليكون سوقاً تراثية".
يضيف: "لدينا دراسة لتطوير سوق الأسماك في الشواكة، كما نظمنا حملات على سوق الاسماك قرب هيئة التقاعد الوطنية لكنهم يعودون بحجة أنَّ المواطن لا يدخل السوق، بل يشتري ما يجده أمامه، ومع ذلك ما زلنا ندرس رفع عربات باعة السمك المتجولين داخل السوق، وقرب التقاعد نظمنا سوق الشواكة، وأقمنا بوابة ومدخل السوق المذكور منذ شهرين فقط".
ويبين "قمنا بتنظيم أماكن الباعة المتجولين قرب مرأب بغداد الجنوبي الذي يقع قرب رئاسة مجلس الوزراء الجديد وبالقرب من جامع (بنية)، إذ جعلنا عرباتهم تأخذ شكلاً واحداً وبذات المقاييس، وجعلنا لكل عربة رقماً خاصاً بها ولديهم مرأب خاص بهم لمبيت العربات ووزعنا بينهم (حاويات نفايات)".
وعما أعدته البلدية في العام المقبل، أشار الى أنهم "مستمرون وبشكل أسبوعي بإزالة المتجاوزين خاصة في شارع رقم (6) وفي سوق العلاوي الذي يشهد التجاوز على الأرصفة وعلى شارع حيفا الذي يعد ايقونة بغداد".
مركز العاصمة التجاري
تحدث لـ"الصباح" مدير عام بلدية الرصافة رئيس مهندسين أقدم، أحمد خوام الساعدي عن الأسواق العشوائية في جانب الرصافة فقال: "الانتشار العشوائي للأسواق موضوع مهم، فقد نشأت هذه الاسواق بسبب البطالة والحركة الاقتصادية العالية، ويعد جانب الرصافة المركز التجاري والصناعي في قلب العاصمة، لذلك تكثر فيه مثل هذه الاسواق، واهمها المنتشرة في مناطق الشورجة وشارع الرشيد والخلاني والسنك والشارع الجمهوري وساحة الطيران، وقد دعا مجلس الوزراء الى عدم التعسف مع عشوائية الباعة، فبادرنا لتنظيم هذه الاسواق كمرحلة اولى، وقبل ايام تعرض مراقبونا للاعتداء من قبل بعض الباعة الجوالين، فبادرنا بمسك المنطقة بقوة امام مبنى الامانة فقام الباعة بتظاهرة وان الجانب السياسي والاقتصادي لا يسمح بهذه الظواهر، لذلك اعتمدنا تنظيمهم كمرحلة اولى والمحافظة على النظافة لان الباعة المتجولين يتركون مخلفات كثيرة جداً عند اكمال عملهم، ما يشكل عبئا كبيرا على دوائر البلدية، وتكثر هذه المخلفات في أيام الجُمع والعطل وتنتشر في سوق الغزل وشارع المتنبي وساحة التحرير والطيران، حتى يتم قطع السير خوفاً على المتبضعين والباعة المتجولين، في الوقت الذي يجب أنْ يكون جهدنا وآلياتنا في خدمة المواطن، وعدم المحافظة على نظافة مناطق تواجد الباعة الجوالين ناجمٌ عن عدم وعي الباعة، وكونهم بسطاء الحال وفقراء، في حين ان اقسام الوعي والشكاوي في دوائرنا تبذل جهودا كبيرة في سبيل تنظيمهم، ونشر الوعي البلدي والنظافة والبيئة العامة بينهم".
المعالجات
وأكد الساعدي أنَّ "أمانة بغداد دأبت على إنشاء الأسواق الشعبية، وهذا المشروع منذ اكثر من سنتين يدور في أروقة الامانة، لإنشاء الاسواق في أماكن متعددة حسب انتشار الباعة المتجولين، ووجدنا بعض القطع الخاصة بالامانة، وحاليا حصلت الموافقة ضمن مركز الرصافة في منطقة سوق الحليب وسوق غرناطة قرب ساحة الطيران، وسوف يتم إنشاء سوق شعبية للباعة المتجولين ومن مواد سريعة التفكيك والنصب لاحتواء الباعة بعد تنظيم أسمائهم وأرقامهم، وعدم اقتطاع اية مبالغ منهم كون حالتهم المالية بسيطة، وسوف تكتمل هذه الاعمال من قبل دائرة التصاميم قريباً، وسنباشر في التنفيذ لوضع اللبنة الأولى من مشروع الأسواق الشعبية، ولدينا دراسات لإنشاء عددٍ من الأسواق التخصصية (أشبه بالعلوات) في مناطق أخرى، منها منطقة باب المعظم وغيرها، ويوميا نعد هذه الدراسات ونقدمها لمراجعنا وسترى النور قريباً".
وأضاف "كأمانة بغداد نحتاج الى تعاون بعض الوزارات، إذ إنَّ بعض قطع الأراضي والأبنية المتروكة تخص وزارات أخرى، منها الإعمار والاسكان والوقفان الشيعي والسني، لهذا نحتاج الى تعاونهم لإعداد أماكن تستوعب الباعة، لأنهم شريحة من شرائح المجتمع، وتحتاج الى التعاون، أما إزالة بسطياتهم بتعسف فسوف يسبب بطالة أخرى للموجودة حالياً، لذا نحن نعمل بتأنٍ لأن هناك توجيهات من أمين بغداد للتريث بإزالتهم وتنظيمهم وترتيبهم وتعويدهم على النظافة العامة لحين استقرارهم، وسوف لن تكون الأماكن الجديدة على الأرصفة بل على قطع أراض بجانب الرصيف، وستكون دورة مياه داخل هذه السوق الشعبية وكافتريا، والسوق ستكون مشمولة بخدمة المجاري لكي تكون العملية منظمة، وستكون الأرصفة مخصصة للسابلة وليس كما موجود في الشورجة، إذ احتل الباعة المتجولون الرصيف وتركوا السابلة يسيرون في الشارع معرضين لحوادث الدهس.
خطط العام المقبل
وأوضح الساعدي أنَّ "إنشاء الأسواق الشعبية التي تحدثنا عنها، ستكون من ضمن خطط أخرى، منها ترتيب الشوارع العامة، وبدأنا بساحة النصر باتجاه ساحة الخلاني، ومن ساحة التحرير باتجاه شارع الرشيد والمطعم التركي، وهذه كمرحلة اولى مهمة للتطوير، وبمساندة المتظاهرين تم فتح هذه المنطقة وشملت بالتطوير، وتم فتح السير والمرور فيها، والحكومة قد استوعبت مطالب المتظاهرين المشروعة وتشهد ساحة التحرير الآن حملة تطوير وإعمار لمقترباتها، فقد بدات عملية اكساء وقشط وترتيب الجزرات الوسطية، واصلاح كافة التخسفات وحتى الانارة الحديثة بدات في المنطقة، لوجود تعاون مع وزارة الكهرباء، فضلا عن نصب الحرية الذي سوف يخضع للصيانة من قبل شركة متخصصة، اما الفندق التركي فسيتحول الى متحف لثوار تشرين، وسيكون الاهتمام في هذه المنطقة كونها تقع في قلب بغداد".
مخلفات الأسواق
وعن انتشار مخلفات الأسواق وبكثرة والتي تعدُّ ظاهرة غير حضارية أشار الساعدي الى أنَّ "الأمانة وضعت كابسات في الأسواق، وليست حاويات فقط، ففي منطقة باب المعظم وضعنا كابستين في سوق السويدي (وهو سوق باب المعظم الكبير)، واحدة من الأمام وأخرى من الخلف وهاتان الكابستان تعملان بوجبتي عمل، ولا تغادران مكانهما إلا بعد الثامنة مساءً، وفي شارع الرشيد لدينا كابستان في السوق العربي وفي خان مرجان، وفي الشورجة لدينا كابسة في سوق الكناني (سوق التوابل)، وفي الكفاح لدينا كابسة في منطقة الصدرية، وكذلك في سوق السكائر وكابسات في البتاويين، وكل تعاون بين المواطن والامانة يولد إنعاشاً
للعاصمة".