زينب صاحب
وجودهن يملأ البيت دلعاً ودلالا، فهن المؤنسات الغاليات اللواتي يغمرن الموجودين برقتهن وحنانهن، ليس تحيزاً مني قط، إلا أن اثنين لا يختلفان على حبهن ولكن! لا بد أن يدرك المجتمع دوره في تقبل هبة الله ونعمته او التبطر عليها وسخطها، فهناك من تسكنه الفرحة بولادة البنت وآخر يتزوج ثانية لتنجب له"وريث العرش" الذكر.
تحديد جنس
يلجأ كثيرون الى تحديد نوع جنس المولود كرغبة من الزوجين في انجاب الذكور او العكس، وهذا ما حدث مع الوالدين علاء وهدى، فبعد انجاب ثلاث بنات نفر الزوج وامتعض وهدد الأم بأن المولود الرابع ان لم يكن ولداً، سيقوم بطلاقها، مدعياً أن للبنات هماً كبيراً، باعتبارهن عورة ومن الممكن أن يجلبن له "العار"، وبعد أن قررا تحديد الجنس جاءهما الولد، وبدأ باثارة المشكلات بعد أن بلغ "ستة أعوام" وراحت تزداد معه كلما تقدم بالعمر وفعل ما لم تفعله الثلاث بنات، وقد تحدثت والدته لنا قائلة: "لا أدري ان كان هذا صدفة أم عقوبة من الله لاعتراضنا على حكمه".
وعلى العكس منهم أراد ابو احمد وزوجته انجاب البنت بعد أربعة ذكور، لأنهما أحسا ان البيت تنقصه خفة ودلع الفتيات، لذا قررا تحديد الجنس وبالفعل تكللت رغبتهما بصغيرتهما التي سمياها فرح نسبة الى فرحهما بقدومها، وقد تحدثت والدتها قائلة: "الآن ملئ بيتي بالحنان".
حب الإناث
لعل النساء يملن لانجاب الفتيات أكثر من الذكور ويرجع ذلك لشعور المرأة بأنها ستعيش حياتها من جديد مع صغيرتها وتستمتع بشراء تلك القطع الصغيرة الوردية اللون واكسسوارات الشعر والحلي وما الى ذلك من احتياجات البنات، إلا ان الأمر مختلف مع فاطمة التي تسعى لانجاب ولد بدلاً من الفتاة، لاعتقادها بأنها ستحافظ على زوجها وتمنعه من الزواج بأخرى، في حين نفى الزوج رغبته بالزواج او حبه لانجاب الولد وقال: "تعاني فاطمة من وسوسة المجتمع لا أكثر".
مرت اسرة ابي زينة بتجربة مماثلة، اذ تعرض الزوجان لضغط من قبل الجدة التي ترى من الضروري انجاب الولد ليحمي اخواته الاناث ويحمل اسم ابيه وجده، مدعية ان لها ابناً واحداً ان لم ينجب الذكر سينقطع نسل الاسرة، لذا اضطروا للخضوع لعملية أنابيب لارضائها، وقد قال الأب :"البنات بركة البيت لا غنى لنا عنهنّ .
فخر
دائماً ما ترتبط الفتيات بالضعف، كونهنّ رقيقات ولا يتحملن مصاعب الحياة ووعورتها، ولكن لكل قاعدة شواذ، فالاسرة التي تنجب الاناث فقط قد تكون من أقوى الاسر، لأنهنّ سيكنَّ بمثابة مئة رجل ويبرنّ والديهنّ، ومثال على ذلك، أبو سرى الذي رزق بأربع بنات، كبيرتهنّ مهندسة وتليها ثلاث طبيبات أصبحن هنّ الاناث وهنّ الذكور، حملن المسؤولية مع والدهنّ، وحتى بعد زواجهنّ لم يقطعن التواصل والحنان والبر بهما وقد قالت والدتهنّ: "بناتي ناجحات وقياديات، ولو أنجبت الولد ما كنت لأفخر به مثلما أفخر بهنّ" .
وقد شاطرتهم الرأي اسرة أبي زهراء المكونة من ثلاث بنات، احداهنّ محامية واخرى محاسبة والصغيرة مازالت تدرس، اذ عبرَ والدهنّ عن امتنانه لتلك النسوة الصغيرات عمراً والكبيرات أخلاقاً وعفة اذ قال : "أنا أشد ظهري بهنّ".
أمثال
اجحفت المرأة في مختلف المجتمعات وبكل الطرق حتى في إطلاق الأمثال ومن ذلك المثل المصري القائل"يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للمات" وآخر يقول "لما قالولي ولد أتشد ظهري وتسند..قالولي خلفت بنية أتهدت الحيطة عليا" وغيرها الكثير من المقولات الشعبية التي تقلل من شأن المرأة، وفي المقابل هناك من يرفع ويعظم شأن الرجل، ولعل هذا ما توارثته الأجيال حتى اصبح بمثابة قاعدة تعمم على الجميع.
وبشأن ذلك تحدثنا الدكتورة في علم الاجتماع هالة فالح قائلة: "هذه العادات والتقاليد موجودة في العقل الانساني منذ الأزل وحتى قبل الاسلام، خاصة عند الرجل الشرقي الذي يعتبر الشرف أعلى من نفسه، ويخشى أن ينتهك الآخرون حرمة شرفه الى أن جاء الاسلام وحرم كره البنات وقتلهن، ولكن المجتمعات ظلت تتوارث هذه العقدة الى الآن".