أمام منزل السفير الهندي

منصة 2020/12/26
...

لانا عبد الستار 
 
 
لحظة أنْ أمسكت بيدي ونحن ندخل منزل السفير الهندي تذكرت كل وعودك لي بأنْ نكون محط اهتمام الكثيرين وأنَّ سفراء كل دول العالم سيدعوننا يوماً لمنازلهم. لم تعدني يوماً بشيء إلا وحققته لي.
أعشق صدقك بالتعامل معي. أنت تعدّ لي الآن سباكيتي باللحم وتعدني أنْ تكون أفضل سباكيتي أتذوقها  في حياتي. يتشكل بداخلي هذا اليقين بأنني سأتذوق فعلاً أطيب سباكيتي كما يتشكل لدي هذا اليقين العجيب بك وبكل وعودك
لي. فكرت ونحن نلج الباب الكبير لمنزل السفير بكل ما سيحدث في الداخل. كيف سيكون هذا القصر وكيف هي زوجة السفير والمائدة المتخمة بالكاري الذي تحب وبكل أنواع البهارات الهنديَّة.
تقص الطماطم أمامي بطريقتك التي لا يمكن أنْ أتقنها. كل شيء عندك يجب أنْ يكون مشبعاً بالحب والفن والإتقان حتى قص الطماطم.
يتصاعد البخار يحمل الطعم اللذيذ قبل أنْ أتذوق. حركتك الهادئة بين الطباخ الكهربائي وبين منضدة تحضير الطعام تذهلني.
كنت تضغط بقوة على يدي ونحن نجتاز الممر الطويل يرافقنا حارس السفير. يدك حنونة جداً حتى وهي تضغط على يدي. أحب يدك في كل أحوالها. متعرقة دافئة ومحبس زواجنا مصر أنْ يلمس راحة يدي في كل الأوقات ليمنحني الإحساس العميق بالأمان وأنا معك. متحمسة جداً لتذوق السباكيتي من يدك. تقول لي إنك ستضيف دبس الرمان اليوم، يبدو
أنه السر الجديد.
يصلني وأنا أراقبك وأنت أمام الطباخ صوت البنت البرازيليَّة جارتنا، لا أعلم لماذا تتصاعد الموسيقى من شقتها دائماً وأنا أنتظر أطباقك المبتكرة، أعتقد أنها خطة إلهيَّة لوضع موسيقى تصويريَّة للمشاهد المهمة بيننا.
الساري الفخم الذي كانت ترتديه زوجة السفير أذهلني، ورأيتني أدقق بألوانه التركواز والبرونز ونأخذ صوراً تذكاريَّة أمام تاج محل ونجلس على المقعد الذي جلست عليه الليدي ديانا في صورتها الشهيرة.
أراقبك وأنت تضيف البهارات للسباكيتي، وأفكر هل تأثرت بالأطباق الهنديَّة التي تناولناها بالأمس في منزل مضيفنا الهندي؟ سألتك ماذا تضيف؟ قلت لي فلفل أسود وكاري وملح فقط. ارتحت لأنَّ لذعة البهارات الهندية أمس كانت غير معقولة أبداً.
أحس بالجوع الشديد ورائحة السباكيتي تداهم أنفي، وأنت تطبخ بهدوء وتدخن سيجارتك كعادتك.
السفير الهندي وزوجته كانا مبهورين بنا كما ينبهر كل من يشاهدنا. هل لاحظت أنهما تحديا كل الأصول البروتوكولية وتبادلا القبلات من خلفنا، نثير موجة من الشهية للحب دائماً أينما حللنا، هي طاقة الحب العجيبة التي ننثرها حولنا في أي مكان نكون به.
أسألك وأنا أفكر بشجرة الميلاد التي سنزينها الليلة كم تحتاج السباكيتي للاستواء؟ تجيبني فقط عشر دقائق وسيكون أمامك طبق خرافي، أسرح عشر دقائق وأنا أستمع للموسيقى البرازيليَّة وأراقبك وأفكر بكل وعودك لي بالسعادة 
المطلقة.