الرواتب والقروض

الباب المفتوح 2020/12/29
...

نجم الشيخ داغر 
من المعروف أن مسألة توفير القروض أنشئت لتسهيل امور المقترضين مقابل فوائد قليلة تحت عنوان استقطاع رسوم، كي تعم المنفعة على الطرفين، لذلك حرم الاسلام الربا وهو الربح الفاحش، الذي يستهلك جهد المقترض وغالبا كرامته ايضا، لكن الملاحظ في الفترة الاخيرة أن مصارفنا الحكومية ومعها الأهلية اعتمدت مبدأ الاقراض، مثلما تفعل أغلب مصارف دول العالم، من دون مراعاة احكام ديننا الاسلامي، الذي يمنع فرض أرباح كبيرة مقابل المال المقترض، وايضا من دون أن تأخذ بعين الاعتبار مقدار المعاناة التي يعيشها المواطن والضغوط، التي تداهمه من كل جانب وصوب . 
الأدهى من ذلك كله هي الخطوات التي تعتزم الحكومة المضي بها بخصوص استقطاع مبالغ ليست قليلة من رواتب الموظفين، وكأنها تحملهم مسؤولية ما آل اليه وضع البلد الاقتصادي والازمات التي تعصف به، وهو أمر غريب حقا، لأن الجميع يعرف من هو المسبب الحقيقي وراء كل ما يجري لنا الآن، والذي هو باختصار (المسؤولين الفاسدين)، الذين اعلن رئيس الوزراء الحالي مرارا وتكرارا عزمه على محاربتهم والضرب على
 ايديهم.
ومن هذا الفساد الرواتب الضخمة التي يتسلمونها، فضلا عن الامتيازات والنثريات المخصصة لمكاتبهم، والتي ما انزل الله بها من سلطان، وبدلا من قطع رواتبهم ونثرياتهم بشكل كلي او تقليلها بشكل كبير يتم التوجه نحو الموظف
 المسكين . 
بيد ان الامر الاكثر غرابة وهو ما اريد التنويه عنه في هذه الاسطر، هي المبالغ الثابتة التي ستبقى المصارف تستقطعها من الرواتب (تحت عين الحكومة) في حال تم اقرار استقطاع جزء منها، الامر الذي سيشق على الموظف ويضرب ميزانيته بالصميم، هذا فضلا عن ارتفاع بعض اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية نتيجة رفع قيمة الدولار مقابل
 الدينار. 
أليس من المفترض في هذه الحالان تعمد الحكومة الى المصارف، وتجبرها على تقليل المبالغ المستوفاة من الموظف بشكل شهري مقابل القرض، كي تكون هناك عملية موازنة نسبية بين تقليل الرواتب والأموال المستقطعة للمصارف.
من هنا لابدّ أن تمارس الحكومة وأجهزتها سلطاتها على المصارف وحماية الموظف من هذا الاستغلال، خاصة انها حملته ذنبا لم يرتكبه ولم يكن مسؤولا عنه، حين عمدت الى استقطاع جزء من راتبه، لذلك من الواجب ان يتم تقليل المبالغ المسددة للبنوك مقابل القروض، اذ ليس من المعقول أن يقلم راتب الموظف، بينما كل ما مطلوب تسديده منه يبقى على
 حاله .