جزيرة الأختين

فلكلور 2021/01/13
...

 ترجمة: عادل العامل
كان هناك ذات يومٍ امرأة عجوز ولها ابنتان، يعشن جميعاً على واحدة من الجزر الأربع والخمسين على مقربة من سنغافورة. وكانت المرأة العجوز أرملة فكان عليها أن تعمل بجهدٍ كبيرٍ لتعيل أسرتها الصغيرة.
 
وعندما كبرت ابنتاها وصارتا في سن الزواج، قرَّرت الأرملة أنَّ الوقت قد حان لأنْ تزوّجهما وتدعهما تنعمان بسعادة الحياة الزوجيَّة. وعلى كل حال، فإنَّ الأختين واسميهما ميناه ولينا، كانتا متشبّثتين إحداهما بالأخرى على نحوٍ لا فكاك له، فقد كانتا تحبان بعضهما بعضاً باعتزازٍ كبير. وكان يُحزنهما احتمال أن تتزوَّجا وتعيشا حياتين منفصلتين، فأخبرتا أمهما بأنهما ستتزوجان شرطَ أنْ يكون الخاطبان أخوين.
ومرَّ الوقت وجاء خطّاب كثيرون وذهبوا، إذ لم يكن بينهم أخَوَان. وبعد وقتٍ قصير ماتت المرأة العجوز وذهبت الأختان لتعيشا مع عمٍّ لهما.
وفي أحد الأيام، ذهبت لينا لتسحب ماءً من بئر القرية حين مرَّتْ جماعة من الأورانغ لوت (أهل البحر). وكان هؤلاء جماعة من اللصوص والقراصنة. وعندما رأى قائدهم، وكان رجلاً متين البنية، الفتاة لينا، سقط صريعاً بحبها. وقد ملأ جمالها عقله بالشهوة وابتسم وهو يقترب منها.
وما إنْ رأت لينا هؤلاء الرجال المخيفين يقتربون، حتى عادت راكضةً على الفور إلى القرية، لكنَّ القائد كان قد أمر بعض رجاله بأنْ يتبعوها ويكتشفوا أين تعيش. و ما كان يدقّ على الباب. فذهب عمها إلى الباب ليفتحه فأصابه الخوف حين رأى جماعة الأورانغ لوت عند عتبة داره.
ــ " أيها الشيخ، إنني هنا لأطلب يد ابنتك للزواج. فأنا يمكنني، لكوني رئيس الأورانغ لوت، أنْ أنفق عليها بسخاء. ومن الأفضل لك أنْ توافق على طلبي، إذ إنَّ عليَّ مع هذا أنْ أصطدم بأي واحد سيتحدّاني".
فالتمس منه الشيخ قائلاً:
ــ "أرجوك، أيها الرئيس، إنَّ البنتين ليستا ابنتَيَّ، ولهذا لا يمكنني أنْ أتّخذ القرار بشأنهما".
ــ "لا يهمني ذلك. سأجيء من أجل الفتاة غداً". وبإشارةٍ من يده، ابتعدت الجماعة.
لم يكن الشيخ باستطاعته أنْ يحمي لينا وأخبرها بأنه ليس هناك من طريقة تمنع هذا، حتى لو توسّلت الفتاة وبكت. وفي تلك الليلة، بقيت الأختان ساهرتين طوال الليل وراحتا تصلّيان من أجل حصول معجزة، لكنَّ الصباح انبثق ولم يحدث شيء. وسرعان ما وصل رئيس الجماعة ورجاله، وبالرغم من تشبث الأختين إحداهما بالأخرى، فإنَّ رجال الرئيس فرَّقوا بينهما وأحضروا لينا لرئيسهم، الذي رماها على كتفه وراح يحملها مبتعداً إلى زورقه الصغير. وخرجت القرية عن بكرة أبيها وراحت تتفرج على المشهد، لكنْ من دون القيام بشيء لإيقاف ما كان يجري.
في هذا الوقت، كانت هناك عاصفة تتجمع، وراحت "ميناه"، التي آذاها رجال الرئيس وهم يحاولون تفريق الأختين، تركض وراءهم، راجيةً الرئيس أنْ يدعَ أختها تذهب. وحتى حين أصبح الزورق الذي يحمل لينا في البحر، استمرت ميناه تركض داخل البحر حتى ابتلعتها موجة كبيرة.
وعندما رأت لينا أختها تختفي في الماء، راحت تكافح بشدة وأفلتت من آسريها. ورمت نفسها في البحر لتلتحق بأختها ميناه. 
واشتدَّت العاصفة فعاد أهل القرية إلى بيوتهم، خائفين من قعقعات الرعد والبرق. ولم تتوقف العاصفة حتى اليوم التالي. وعندما خرج الناس من أكواخهم، أصابتهم الدهشة لرؤية جزيرتين في المكان الذي غرقت فيه الأختان.
ووفقاً للأسطورة، فإنَّ عاصفةً تحدث هناك في كل عام في اليوم نفسه الذي أصبحت فيه الأختان جزيرتين.
* حكاية شعبيَّة من تايلاند