نظرا لتردي الواقع التربوي في العراق وانتشار الفساد وتراجع المستوى العلمي في هذا القطاع الحيوي، فقد اطلقت مجموعة من المنظمات المدنية والنشطاء من جميع المحافظات حملة لانقاذ واقع التربية في العراق تحت شعار ( انقاذ التربية ) التي اقيمت على قاعة المركز الثقافي النفطي وتم اصدار بيانها الاتي:
دعوة للضغط على صناع القرار في العراق لتبني سياسة وطنية، تعمل على تطبيق انظمة التربية والتعليم ذات الجودة العالية وعبر ستراتيجية يتم التركيز من خلالها على تأهيل العاملين في سلك التربية من أجل بناء الانسان، وبث القيم الاخلاقية والانسانية لبناء دولة مدنية قائمة على المواطنة والعدالة والتعايش السلمي، والنهوض بواقع المدرسة لتكون قادرة على رفد البلد بكفاءات وخبرات تساهم في بنائه، وايقاف الانهيار الحاصل في الأبنية المدرسية كونها اهم التحديات التي تواجه القطاع التربوي، والاسراع في ترميمها والانتهاء من انشاء الابنية المهملة منذ سنين طويلة بشكل مقبول، فضلا عن تدارك النقص الحاصل في اعداد الأبنية المدرسية التي وصلت إلى (7441) بناية من مراحل رياض الاطفال، والأبتدائية ، وحتى الثانوية، مما أدى الى تبني نظام الدوام المزدوج الثلاثي في اغلبيتها، وقد اكدت مؤشرات الأحصاء السنوي لعامي 2015 - 2016، على وجود (961) مدرسة ثلاثية الدوام و(63337) مدرسة مزدوجة بالدوام، ووجود (1033) بناية متضررة في المناطق المحررة منها (582) مدرسة متضررة كليا وبحاجة الى إعادة بنائها، فضلا عن مشكلة اكتظاظ الصفوف الدراسية حتى وصل عدد طلابها في الصف الواحد الى (41) طالبا في بعض المراحل.
كما دعت الحملة إلى زيادة التخصيصات المالية لقطاع التربية، حيث بلغت نسبتها في الموازنة العامة الى (3.86 %) في عام 2004 وارتفعت الى (7.84 %) عام 2011، ثم شهدت انخفاضا حادا في عام 2017 لتبلغ نسبتها الى (1.45 %).
مشاكل ومعوقات
فيما اكد عضو الفريق الوطني للحملة الدكتور سامي شاتي: وجود (10572) مدرسة حاليا في العراق تواجه مشاكل وصعوبات كبيرة، منها(1536) لاتصلح للدوام المدرسي، و(752) مدرسة بدوام ثلاثي مزدوج مما ينعكس على ساعات الدوام وراحة التلاميذ وجودة التعليم. اما مجموع المدارس الخالية من المياه الصالحة للشرب (2369)مدرسة، و(3318) خالية من دورات المياه، و(585) مدرسة ابنيتها على شكل كرفان ، و(149) “صريفة”.
واوضح بان المدارس اصبحت تعاني من الاهمال وقد وصل عدد الطلبة في الصف الواحد مابين ٤٠-٥٠ طالبا وهذا من اهم الاسباب التي ادت الى عدم تركيز الطلبة واستيعابهم للمنهج ، فضلا عن التأخير في تنفيذ مشاريع الابنية المدرسية الحديثة وترميم المدارس القديمة، ووجود المدارس الطينية ولاسيما في القرى والارياف التي تعاني من نقص الكوادر التدريسية، بينما اخذ اغلب الطلبة في المدن يتجهون الى المدارس الاهلية لتلبية احتياجاتهم، واعطاء كل منهج حقه في فهم الطلبة وهذا ماتفتقره المدارس الحكوميه التي غابت عنها الرقابة، فضلا عن الخلل في تغيير المناهج الدراسية التي لا تفي بالغرض المطلوب وعدم استيعابهم لها، وكذلك تعرض المؤسسات التعليمية الى العنف العشائري والتهديدات من الاهالي وانعكس هذا الامر في أهمال التربويين لتدريس الطلبة ، وتسربهم من المدارس بسبب الوضع الاقتصادي لان العوائل الفقيرة تفضل لجوء ابناءها الى العمل من اجل توفير لقمة العيش بدلا عن التعليم .
مبدأ العدالة والمساواة
من جهته عد عضو فريق الحملة من مؤسسة مدارك الناشط الدكتور مزهر جاسم الساعدي: بالرغم من أن الحكومات المتعاقبة تتباهى بالتعليم باعتباره أعلى سلم أولوياتها، إلا أن تقارير المنظمات الدولية والإقليمية اشارت إلى وجود الالاف من المدارس الطينية في العديد من المحافظات لاسيما في المناطق الريفية تخلو من المستلزمات الأساسية التي تتوافر في المدارس العادية في المدينة لعدم وجود الملاعب أو المرافق الصحية ومياه الشرب، وافتقارها إلى الرعاية الطبية، وتغزوها الأمراض شتاء، وتنهار صفوفها غرقا بسبب غزارة الأمطار كونها بنايات قديمة وآيلة للسقوط.
وبين الساعدي من الاساليب التي تؤدي الى النهوض بواقع التعليم هي التغيير في مناهج الطلبة بشكل يناسب تفكيرهم وتكريس مبدأ العدالة والمساواة، والاهتمام ببناء المدارس وزيادة عددها، ومكافحة ظاهرة التدريس الخصوصي، والحد من تسرب الطلبة من مدارسهم من اجل رفع مستوى التعليم بدءا من رياض الاطفال الى المعاهد
والجامعات .
المسؤولية الوطنية
و أكد عدد من اعضاء فريق الحملة على تصديهم للمسؤولية الوطنية والاجتماعية ونحن اذ نضع مجلس النواب والحكومة الاتحادية والحكومات المحلية امام مسؤوليتها في جعل القطاع التربوي بالمرتبة الأولى، كونه يمثل مطلبا جماهيريا وحقا كفله الدستور العراقي، والمسؤولية إمام وجود المئات من المدارس الطينية في بلد يحتوي على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، ومن الجدير بالذكر هذه المدارس تحتوي على مقاعد دراسية محدودة ومتهالكة وقديمة يستخدمها عشرات الطلاب من كلا الجنسين منذ سنين طويلة وهذا مؤشر يبين مدى هدر المليارات من الدولارات المخصصة لدعم التعليم في الموازنة على مر الاعوام الماضية بسبب الفساد .