ديربي العراق والكويت

الرياضة 2021/01/26
...

 د. حســين الربيعي
 
وهي ليست (ديربي) لأنها ليست للمنافسة بينهما، بل سيلعبان لإزالة عوالق الزمن المؤلم، بعدهذه المباراة سيعود الديربي بينهما لألقه السابق
كلمة ديربي-Derby))  تطلق على أحد سباقات الخيول في بريطانيا، ينظم سنويا منذ الربع الأخير للقرن الثامن عشر، وشاع استخدام هذا المصطلح في باقي الألعاب لاسيما كرة القدم، وذلك عند اشتعال لهيب المنافسة بين فريقين غريمين. 
الجماهير هي التي تصنع (الديربيات)، التي عادة ما تكون وراءها قوى دافعة أخرى غير الرياضة كتاريخ الأحداث بين الطرفين، أو جغرافية موقعيهما، أو تنافسهما في ميادين أخرى، وهكذا يتكون للديربي طعم خاص عبر التكرار الزمني للحدث، كاللقاءات في الدوريات أو البطولات الأقليمية والدولية. 
اللقاءات الكروية بين العراق والكويت قديمة، لكنها أخذت طابع (الديربي) منذ العام 1976 في بطولة الخليج الرابعة في الدوحة، بعدما سحق الفريقان الفرق الاخرى، لتزداد حدة المنافسة بينهما على اللقب في مباراة الختام الحاسمة، والتي انتهت بالتعادل 2-2، ليتوج الكويت بعد ذلك في مباراة فاصلة، بلقب البطولة. 
مباراتان خلدتا في الذاكرة، كأجمل وأروع ديربي كروي في المنطقة، وبعد أحداث العام 1990 أنطفأ لهيب هذا الديربي، وباتت الحساسية بجميع معانيها وأشكالها هي المسيطرة على لقاءات المنتخبين. 
مباراة العراق والكويت المرتقبة في البصرة اليوم تختلف عن جميع ديربيات العالم، وأكاد أجزم، أنه لا أحد من الدولتين يفكر أو يهتم بنتيجة هذه المباراة، بقدر الترقب لاقامتها أولا، ولنجاحها ثانيا، لانها تحمل معاني كبيرة، وطعما خاصا أكبر من الرياضة، وألذ من طعم الفوز. 
بملء ارادتهم يأتي الكويتيون للعب مع العراقيين في البصرة!! وكأن المباراة اعلانا من الطرفين، بأن “تعبنا من القبض على جمر الألم”. وللجغرافية حكم القدر المحتوم. فلا العراق قادرعلى أن يرحل يوما عن أرضه، ولا الكويت قادرة على تغيير موقعها في هذا الكوكب ومادام الأمر كذلك، فلا مناص من التعاون الستراتيجي وفي جميع المجالات لما فيه خير للشعبين، وبوسائل ومفاهيم ديناميكية، يشعر الطرفان فيها بالربح دائما(Win-Win Approaches) . هذه هي معادلة العلاقة بين جميع المتجاورين في المعمورة، وكل ماعداها، نكد وتوجس، وفقدان للفرص والجهد والوقت والموارد.
هذه المباراة بداية عهد جديد بين البلدين وعلى جميع الأصعدة، وهي ليست (ديربي) لأنها ليست للمنافسة بينهما، بل سيلعب الفريقان لازالة عوالق الزمن المؤلم، بعد هذه المباراة سيعود الديربي بينهما لألقه السابق الى ماقبل أب 1990.
ربما - وهذا ما نتمناه- أن يرد العراق هذه الزيارة ليلعب مع الأشقاء في الكويت، وهذا رائع، والأروع منه: توقيع بروتوكل ليكون هذا اللقاء سنويا –ان أمكن ذلك، على الأطراف الأخرى في الحكومة العراقية، أن تستلهم هذا الحدث وتطرح هي الأخرى مبادرات تعاون ستراتيجي مع الكويت، من نوع الـ  ( (Win Win- الاثنان رابحان)، وأحسب أفضلها على مستوى التعليم العالي في برامج للتبادل الثقافي والتعاون في البحث العلمي، فهو من أبسط أنواع التعاون، وأكثره مضاءً
 ورسوخاً.