رقابة الدولة على الأعمال الفنية الهابطة

منصة 2021/01/31
...

د.عدي سمير حليم الحساني

إن المحافظة على النظام العام واجب أساسي من واجبات الدولة، وهو من الثوابت وإن لم يرد بنص، وعليه لا يجوز التنازل عنه أو إحالته إلى غيرها، ولأن من ضمن اركان هذا النظام هي الآداب العامة التي تستمد بعض خصائصها من هذا النظام، سواء تم ذلك بمنظور قضائي بنص تشريعي أو ليس كذلك، فإن حمايتها وصونها من كل ما يدنسها واجب لا اختلاف على أهميته، إذ إن المحافظة على الدولة وحمايتها لقيمها ومبادئها واخلاقها، تأكيد لوجودها وضمان لبقائها.
وتُعد قواعد الآداب العامة قواعد نسبية متغيرة تختلف باختلاف المكان والزمان والمجتمع وكذلك من جيل إلى جيل آخر لذات المجتمع، والتي قد تكون مباحة في مجتمع ما ومخالفة في مجتمع آخر، أو قد يصبح غير المقبول في المجتمع الواحد في مرحلة زمنية معينة، مقبولاً في مرحلة لاحقة.
ولعلنا إذا ما توسعنا في قواعد الآداب العامة فإننا سنكون في نطاق متوازٍ مع قواعد الأخلاق العامة؛ ذلك أن قواعد الآداب من شأنها إلزام الفرد تجاه مجتمعه، أما قواعد الأخلاق فإنها بالإضافة لذلك تُلزم الفرد بسلوكه الشخصي، والتي تدخل فيها الأصول الاخلاقية الجوهرية التي تُعد الأساس في استقامة المجتمع، لذلك نجدها جاءت واضحة وصريحة في القوانين العراقية ومنها ما جاء في الباب التاسع من الفصل الثاني من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل، الذي ورد بعبارة: (الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب
العامة).
وبالرغم من ذلك فإن ما نشهده اليوم من سلوكيات جديدة على مجتمعاتنا في ظل  
المتغيرات الثقافية والاجتماعية التي ساعد على ظهورها انتشار الفضائيات والاستخدام غير المُسيطر عليه لمواقع التواصل الاجتماعي، أسهم بشكل كبير في اندثار بعض السلوكيات وظهور غيرها، التي اثرت بشكل واضح في الواقع.
ولعلنا هنا نُركز على موضوع الفضائيات لاسيما غير المُسيطر عليها لكونها تبُث من خارج العراق والتي تعرض على شاشاتها برامج ومسلسلات قد تمس الحياء وتنقل صورة سلبية عن مجتمعنا في الداخل والخارج، لا بل قد تُسهم في انتشار العنف والانحلال على اساس ان كل سلوك مشابه مباح.
لذلك اصبح من الواجب الأساسي للسلطات المختصة التصدي لذلك وفقاً للقوانين العراقية، بمتابعة الاعمال الفنية قانوناً ونقابياً، لأن مجتمعنا لا يزال بخير والبركة بشبابنا، وما يُنقل عن المجتمعات الطلابية مُبالغ فيه، وغايته عكس صورة سلبية بعيدة عن الواقع الفعلي.