الحاكم والضريبة

الباب المفتوح 2021/02/02
...

نجم الشيخ داغر
من الاشارات المهمة التي يمكن لنا أن نميز من خلالها الحكومات، التي تعمل لمصلحة شعوبها ورفاهيتها عن تلك التي تعمل بالضد منها، تأتي قضية الضرائب وكيفية فرضها وعلى ماذا.
 فعلى سبيل المثال فرضت اليابان التي تشهد نهضة علمية واقتصادية ضريبة الدهون، في محاولة للتغلب على زيادة معدلات السمنة، ومنع انتشار الأمراض مثل السكري والسكتات الدماغية، لذلك طبقت على الرجال والنساء ممن تتراوح أعمارهم ما بين 40 و75 عاماً، قانون ( (Metabo الشهير، وهو قياس محيط الخصر كل عام، وفي حالة تجاوزه (85 سم للرجال و90 سم للنساء)، يجب عليهم دفع غرامة.
بينما فرضت الامبراطورية العثمانية المعروفة باضطهاد الشعوب التي تسيطر عليها وسلب خيراتها، ضريبة اسمها (كراء الأسنان)ـ اذ كان جنود المماليك التابعون لها في مصر وغيرهم إذا مروا بقرية لأي سبب، التزم أهل القرية بتقديم الطعام لهم واستضافتهم، ولم تكن تلك الاستضافة من باب الكرم أو الترحيب، بل كانت ضريبة ملزمة وإذا لم يقم بها أهل القرية عوقبوا بالكامل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يجب ان يدفع الأهالي لهم مبالغ مالية مقابل الجهد الذي تبذله أسنانهم في مضع الطعام، وكانت تدفع مقدما.
الفرق واضح بين الدولتين، فالاولى تعمل لمصلحة شعبها والسير به نحو السعادة والرفاهية، بينما دمرت الثانية الانسان بماهو انسان وسلبته كل شيء واولها امواله، فضلا عن كرامته، وهي من الاسباب الرئيسة لسقوطها واندثارها.
نعم انا مع فرض الضرائب لأن ما من دولة في العالم، إلا وهي تفرضها مقابل خدمات معينة، ولكن ان تفرض على الفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة، فهذا ما لا نقبله ولا يرتضيه اي صاحب قلب حي.
ولكي نعرف هل ان حكومتنا تعمل على اسعاد شعبها ام هي على الضد من ذلك كما تحدثنا في بداية المقال، نسأل ما معنى تعديل ضريبة الدخل على الراتب، ولماذا يتم التوجه لرفع نسبتها؟ ولماذا يتحمل الموظف تبعات الفساد التي يعرفها القاصي والداني؟ وما معنى الزام اصحاب الدراجات النارية التي لجأ اليها الفقراء من الذين لا يستطيعون شراء سيارة، بتسجيل دراجاتهم في مديرية المرور العامة، لقاء مبالغ مالية مرتفعة قد تصل الى نصف سعر الدراجة نفسها؟!.
نحن مع تسجيلها وفرض النظام على حركة المرور، ولكن لقاء رسوم معقولة لا تضر بالمواطن الفقير ولا تثقل كاهله، اذ ليس من المعقول محاصرة الناس بهذه الطريقة الفجة وفرض الضرائب على كل شيء يستخدمونه، لأنه من المعروف ان الكثير من اصحاب الدراجات لا يملكون المبالغ المالية المطلوبة، لذلك اضطروا لركوب الدراجات النارية والذهاب الى اعمالهم اختصارا لاجور النقل وقضاء مشاويرهم.
من هنا أناشد الحكومة تخفيض نسبة الرسوم في جميع دوائر الدولة وخاصة المرور العامة، لأن الناس باتوا يشعرون بالغرق والاختناق، ومن ثمّ الخوف من انفجارهم ووصول الامور الى ما لا يحمد عقباه، وأخشى من وجود من يريد الوصول بهم الى هذا الامر، لا سيما ان هناك الكثير من يتربص بالعراق شرا.