صراع التسلح الصاروخي يشعل أجواء أوروبا

قضايا عربية ودولية 2019/02/02
...

واشنطن / وكالات 
 
مجددا يواصل الرئيس الاميركي  عادة الانسحاب  من المعاهدات التي وقعها السلف منذ عقود والتي ارتكز عليها السلم العالمي وقيد صراع التسلح وحديث الصواريخ العابرة لللقارات، وغيرها ، واثر اعلانه امس الانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعلانه تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة عينها، وسط تحذيرات دولية واممية من خطورة تفكيك هذه المعاهدة وما يترتب عليها من عواقب وخيمة.
 

وقال بوتين في لقاء بوزيري الدفاع سيرغي شويغو، والخارجية سيرغي لافروف، امس السبت: “روسيا كذلك علقت معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى”. وأضاف بوتين: “مبادرة روسيا للحد من التسلح لم تلق الدعم من الشركاء الذين يبحثون عن وسائل رسمية لتفكيك نظام الأمن العالمي”، متابعا “روسيا لن تنشر مثل هذه الأسلحة إن توفرت، لا في أوروبا، ولا في أماكن غيرها، حتى ظهور أسلحة متوسطة
وقصيرة المدى أميركية في مناطق محددة بالعالم”. ولفت الرئيس الروسي “سوف ننتظر حتى يكون شركاؤنا مستعدين للدخول في حوار متساو وموضوعي حول نزع السلاح”.  
بدورها أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن موسكو تحتفظ بحق الرد في حال قررت واشنطن نهائيا الانسحاب من معاهدة حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى. وقالت زاخاروفا في حديث لقناة “روسيا 1” امس: “كما قلنا سابقا، في حال اتخذ الجانب الأميركي قراره النهائي بالانسحاب من معاهدة الصواريخ، فستحتفظ موسكو لنفسها بحق الرد المناسب واتخاذ الخطوات الجوابية، وسنفعل كما أعلنا”. وأضافت أن الخروج الأميركي من الاتفاقية مثال آخر على تطبيق واشنطن “مخططها الشامل الرامي إلى التملص من المسؤولية” على مختلف الأصعدة من خلال فسخ أحادي للعديد من الاتفاقات الدولية التي وقعتها سابقا. وشددت زاخاروفا على أن المسألة لا تكمن بالفعل في “انتهاك روسيا لهذه الاتفاقية، كما أنها لا تكمن في الصين أو أي من عوامل الأمن الدولي”، وإنما ما نشهده هو تنفيذ الولايات المتحدة استراتيجيتها الساعية إلى التخلي عن التزاماتها الدولية حسب تعبيرها. الى ذلك أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن روسيا تنفذ التزاماتها في مجال الحد من التسلح، ونزع السلاح وعدم الانتشار بشكل ثابت ومستمر ومن دون قيود أو شروط، ونرفض بشكل قاطع الأساليب والوسائل المستخدمة من قبل واشنطن ونعتبر هذه “الهجمات” الأميركية حيلة دعائية بحتة، في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بأنه لا يمكن تبرير سوى تصرفاتها، لأنهم كما يزعمون يسعون إلى تعزيز السلام والأمن”. 
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد اكد عقب اعلانه الانسحاب من الاتفاقية الاميركية الروسية عزمه وضع “خيارات عسكرية” بالتعاون مع الناتو لمنع تفوق روسيا عسكريا نتيجة “خرقها” للاتفاقية. وقال ترامب في بيان صدر عن البيت الأبيض: “سنمضي قدما وسنضع خيارات خاصة بنا للرد العسكري، وسنعمل مع الناتو وحلفائنا وشركائنا الآخرين للتعويض عن أي ميزة عسكرية حصلت عليها روسيا” وأضاف ترامب أن إدارته تحافظ على تمسكها بضرورة “الرقابة الفعالة على انتشار الأسلحة التي تتيح للولايات المتحدة وشركائها مزايا”، موضحا أن الحديث يدور عن “الرقابة على الأسلحة التي يمكن التحقق منها وتنفيذها، وتشمل الشركاء القادرين على الوفاء بالتزاماتهم”. كما أشار ترامب إلى أن شركاء واشنطن في حلف الناتو يدعمون قرارها بالانسحاب من المعاهدة، لأنهم “يدركون الخطر النابع من انتهاك روسيا للمعاهدة والمخاطر المحدقة بخصوص انتشار الأسلحة بسبب تجاهل بنود الاتفاقية” حسب تعبيره. من جانبه جدد الناتو تحميل روسيا المسؤولية عن تعطل معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى التي انسحبت منها واشنطن أمس وحذت حذوها موسكو اليوم، تاركتين باب الصواريخ مشرعا على مصراعيه في أوروبا. وقال متحدث باسم الحلف: “انظروا إلى بيان مجلس الناتو حول عدم امتثال روسيا لمعاهدة الصواريخ، الذي تم الإعلان عنه في بروكسل امس.
وورد في بيان الحلف الذي أشار إليه المتحدث، أن “روسيا ستكون مسؤولة عن وقف العمل بمعاهدة الصواريخ إن لم تنزع صواريخها 9M729 خلال نصف عام وبطريقة يمكن التحقق منها”. ودعا الحلف روسيا إلى “استغلال المهلة الممنوحة لها في ستة أشهر للعودة إلى الالتزام بالمعاهدة، معربا عن تأييده للقرار الأميركي تعليق العمل بالمعاهدة” بحسب البيان.
 
تصريح أممي
بدوره عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله بأن تحل روسيا والولايات المتحدة الخلافات القائمة بينهما من أجل الحفاظ على نفاذ معاهدة حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة. وجاء تصريح غوتيريش على لسان المتحدث باسمه ستيفان ديوجاريك، الذي شدد أيضا على الدور المهم الذي تلعبه هذه المعاهدة السوفيتية-الأميركية، في “الهيكلية الدولية للتحكم بانتشار الأسلحة”. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن في وقت سابق من اليوم تعليق بلاده رسميا تنفيذ التزاماتها بموجب معاهدة الصواريخ، اعتبارا من الثاني من شباط الجاري، مضيفا أن واشنطن ستنسحب بصورة نهائية من الاتفاقية بعد 6 أشهر وهي الفترة التي طالبت الإدارة الأميركية بأن تدمر روسيا خلالها “كل الصواريخ ومنصات الإطلاق والمرافق” التي تنتهك، حسب رأيها، بنود الاتفاقية. 
 
موقف  إيراني
في المقابل أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن أي اتفاق يوقع مع الولايات المتحدة لا قيمة له. وكتب ظريف في حسابه على موقع “تويتر”، تعليقا على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى: “هذا انسحاب جديد من اتفاقية لإدارة ترامب”.
وتابع: “يبدو أن هذه الزمرة لديها حساسية من أي شيء عليه توقيع أميركي. والرسالة هي أن قيمة أي اتفاق مع الحكومة الأميركية لا تساوي قيمة الحبر، حتى الاتفاقيات التي صادق عليها الكونغرس”. بدورها قالت وزارة الخارجية الصينية، إنه يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية حل خلافاتها مع روسيا عن طريق الحوار بدلا من التهديد بالانسحاب من معاهدة مهمة بشأن الحد من انتشار الأسلحة النووية بين البلدين. وذكرت وزارة الخارجية الصينية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني،   “لمعاهدة القوى النووية المتوسطة المدى أهمية كبرى في تحسين العلاقات بين القوى العظمى ودعم السلام العالمي والإقليمي وحفظ التوازن والاستقرار الاستراتيجيين العالميين”، محذرا من أن الانسحاب أحادي الجانب قد يؤدي إلى “عواقب وخيمة”.  وكانت دول أوروبية حذرت في الأيام الأخيرة من احتمال اندلاع سباق أسلحة نووية في حال انهارت المعاهدة، خاصة أنها تبدو معرضة لخطر الصواريخ الروسية، ولاسيما أن المعاهدة وضعت حدا لنشر هذه الأسلحة المدمرة في القارة العجوز. وسيؤدي انسحاب أميركا من اتفاقية 1987، إلى نشر الصواريخ الأميركية بآسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يعرض الأمن الصيني للخطر، مما قد يدفع بكين، في حال حدوث الأمر إلى زيادة الإنفاق على برنامجها الصاروخي. 
ووقع الرئيس الأميركي الراحل، رونالد ريغان، والزعيم السوفيتي، ميخائيل غورباتشيف، في كانون الاول عام 1987، على معاهدة نزع الصواريخ النووية المتوسطة، ووصفت بأنها “تاريخية” وفتحت الطريق لعهد جديد في العلاقات بيت الكتلتين الشرقية والغربية إبان الحرب الباردة. وجاءت هذه المعاهدة بعد أن وصل التوتر بين المعسكرين الشرقي والغربي إلى ذروته في ثمانينيات القرن 
الماضي،
وبموجب المعاهدة، يفترض أن يتم تدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر في السنوات الثلاث التالية لدخول المعاهدة حيز التنفيذ.  
  محكمة لاهاي
من جانب آخر من الصراع لكن الاميركي الايراني أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي أنها ستصدر قريبا قرارها حول احتجاج الولايات المتحدة على شكوى إيران ضدها بشأن مصادرتها ملياري دولار من أموال طهران ومؤسسات حكومية إيرانية.
ومن المتوقع أن يتلو رئيس محكمة لاهاي عبد القوي أحمد يوسف قرار المحكمة في اجتماع سيعقد في 13 شباط الحالي. 
ورفعت إيران قبل نحو عامين ونصف العام شكوى إلى محكمة العدل الدولية بشأن الخروق الأميركية لمعاهدة الصداقة الموقعة بين البلدين عام 1955. وكانت المحكمة قد أصدرت قرارا في قضية أخرى لصالح إيران يقضي بتجميد الحظر الأميركي في مجالات الأدوية والأجهزة الطبية والمواد الغذائية والملاحة الجوية، إثر شكوى رفعتها طهران استنادا إلى معاهدة الصداقة المذكورة. وأعلنت واشنطن عقب صدور هذا القرار انسحابها من معاهدة الصداقة مع طهران، ردا على ما اعتبرته “استغلال إيران لمحكمة العدل الدولية”.