ملامح غير مكتملة عن السياسة الجديدة للخارجية الأميركية

الرياضة 2021/02/10
...

محمد صالح صدقيان 
 
لم نكن نعلم بأهمية السياسة الخارجية الاميركية مثلما نعلمها حالياً لجهة التفاصيل التي نستلمها من هذه الجهة أو تلك، ربما لأن هذه السياسة باتت أكثر وضوحاً لنا بسبب عوامل متعددة أهمها ذلك الانفتاح الكبير الذي سببه الاعلام الجديد والنظم التقنية والفنية إضافة الى التفكير بصوت مرتفع للشخصيات السياسية، يجب أن نتذكر كيف كان الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ينقل لنا مواقفه السياسية عبر حسابه في “تويتر” قبل أن ينقلها لوزارة خارجيته، أو كيف يقيل وزيرا أو يطرد آخر من البيت الأبيض قبل أن يعلم صاحب الشأن كما فعل مع “ركس تيلرسون” أو “جون بولتون”. 
كثيرة هي الفوارق بين الرئيسين الأميركيين دونالد ترامب وجو بايدن، وتحديداً ما يخص السياسة الخارجية التي تهمنا نحن شعوب العالم وتهم قضايانا التي لا تنتهي، الرئيس بايدن ذهب شخصياً الى مبنى وزارة الخارجية وأعلن بوضوح تام في خطابه دعمه للدبلوماسية كطريقة أساسية في صياغة السياسة الخارجية الأميركية في عهده. بايدن قال في خطابه في وزارة الخارجية الأميركية: إن “الولايات المتحدة لاعب أساسي وتريد قيادة العالم”، لا أدري هل يستطيع ذلك فعلاً بعد كل الذي أقدم عليه الرئيس ترامب أم لا؟ لكنه أعطى مقاربة أخرى عكست نصف قرن من الخبرة السياسية في العمل في الكونغرس والبيت الأبيض، بايدن حرص على أن يقول: إن “سياسة ترامب انتهت، وستنتهي معه الحروب”، وهي رسالة لإيران للتهيؤ لتفعيل الدبلوماسية وأيضاً للسعودية بضرورة إنهاء حرب اليمن العبثية، اختياره مبنى وزارة الخارجية في إلقاء خطابه، كان له دلالات معينة، فهو لم يذهب أولاً لمؤسسة أمنية أو للبنتاغون، وإنما لمبنى الدبلوماسية. 
في قراءة أولية لخطابه، أنه ركز على عودته لاتفاقية المناخ لأنها تهم المجتمع الدولي، وإلغاء قرار حظر دخول مواطني عدد من الدول ذات الأكثرية المسلمة إلى الولايات المتحدة، والعودة لمنظمة الصحة العالمية، أنه حرص على تحسين الصورة الاميركية في المجتمع الدولي، لأول مرة يتم تعيين مبعوث للولايات المتحدة في الشأن اليمني، هل هو يريد إضعاف السعودية بهذا الاجراء؟ لا أعتقد ذلك، لأن السعودية لا تعيش على الهامش في القاموس الاميركي؛ السعودية حليف كان ومازال، لكن  من دون مشكلات.
الرئيس بايدن حاول نقل تصوراته للسلك الدبلوماسي بأهمية العلاقات الخارجية، وأن سياسة القوات الأميركية المنتشرة في مناطق متعددة من العالم، ومنها الشرق الأوسط، يجب أن تكون انعكاساً للسياسة الخارجية وليس العكس، هي مراجعة لجميع السياسات التي انتهجها ترامب في دعم بعض الأنظمة بطريقة عمياء والتي كانت مدمرة للأمن في عديد المناطق الساخنة.
ثلاثة ملفات تهمنا نحن أبناء منطقة الشرق الأوسط لم يتحدث عنها الرئيس بايدن، لم يذكرها، وهي إسرائيل وإيران واليمن، لكنه شدد على تقاليد السياسة الخارجية الاميركية .
بالنسبة لإسرائيل لم يتحدث عنها في خطابه لكن ليس من المتوقع أن يغير بعض قرارات ترامب مثل الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الاميركية لها، لكن الواضح انه يدعم “حل الدولتين” ولا يسير بـ “صفقة القرن”. 
الملف الإيراني أيضا لم يتطرق له، على الرغم من اعلان رغبته بالعودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس ترامب، ربما لأن صورة العودة لهذا الاتفاق غير مكتملة وهو لا يريد اتخاذ موقف رسمي قبل معرفة نتائج مساعي الحلفاء الاوروبيين إضافة الى الموقف الايراني الصريح من الاتفاق وما بعده.
أما الملف اليمني، فأنه انتقد بشدة الحرب على اليمن، مشيراً للعدد الهائل من الضحايا المدنيين، معلناً تجميد صفقة السلاح لكل من السعودية والامارات، وتقليل بعض العقوبات على الحوثيين وإخراجهم من قائمة الحظر التي وضعهم فيها سلفه الرئيس ترامب.
سؤال؛ هل أن بايدن سينجح في تلميع الصورة الاميركية التي سوّدها سلفه ترامب؟ لا أعتقد. هل سيشعل ضوءاً نراه في آخر النفق؟ لا أدري.