الاستيفاء المسبق

اقتصادية 2021/02/19
...

ثامر الهيمص
 
يأتى الاستيفاء المسبق كانجاز نوعي في عالم الجباية وتحصيل الاقساط المترتبة على المستلفين، فضلا عن كونه من بركات الحوكمة الالكترونية حيث تغلق منافذ التهرب الضريبي والتلكؤ، اذ لا مجال للفساد والنفوذ والتعليق او التأجيل والصلاحيات المفتوحة الا بقانون يدخل على البرنامج .
يأتي هذا الاستيفاء كحل ورافد حقيقي للموازنة في حقل الواردات، التي طالما تعثرت نتيجة غياب الرقابة التقليدية المواكب لقانون الموازنة،  فكما معلوم ان الضريبة المباشرة وغير المباشرة والرسوم بانواعها، تعد تعويضا عن خدمة غير مباشرة بالنسبة للضرائب، وعن خدمة مباشرة بالنسبة للرسوم .
لذلك قد يجد هذا النظام الالكتروني مقاومة شرسة من مستفيدي الوضع الحالي، كما نلمسها في توطين الرواتب وتلكؤاته وموضوعة الرواتب المزدوجة والفضائيين، فهذه طبيعة الامور عندما لا يحسمها القانون التقليدي النافذ .
فالاستيفاء المسبق في المنافذ الحدودية عند الشروع به، لا بدَّ أن يتمدد ليتكامل مع جميع عناصر الاستيفاء من اقساط السلف بأنواعها من المستفيدين من اصحاب المشاريع بأحجامها  الى الموظف الصغير، مرورا بأقساط الوحدات السكنية، اذ لم تكن عمليات درء المخاطر متكاملة لاسباب متعددة كما ذكرنا، فبالرغم من عمليات الاقراض الهائلة، التي باتت رقما صعبا وثقيلا للمصارف الحكومية، لم تدخل شركات التامين طرفا لتغطية المخاطر، حيث يمكن اعتبارها اقرب للدفع المسبق المضمون المحدد لعملية التسديد الاكيد كما هو الدفع المسبق، وهنا الثغرة التي تسلل عبرها كثير من عدم الاستيفاء .
ولكي تتم عمليات الاستيفاء المسبق، لا بدَّ أن تكون الانظمة المواكبة له متكاملة معه الكترونيا، لأنه سيصطدم حتما بالبنى التقليدية بشكل من الاشكال، فالخطوة رقم واحد، وهي اجازة الاستيراد او التصدير، يتوجب تناغمها مع الخطة السنوية لوزارة التخطيط ومع الرزنامة الزراعية والصناعة، وما يتعلق بحماية المنتجات الزراعية والصناعية وتتسع الدائرة الالكترونية، بما يتعلق بالصناعة الانشائية لمواجهة أزمة السكن، اذ لدينا أغلب عناصر البناء ومواده ومهاراته لنحميها لكي تزدهر، من هنا تتحكم اجازة الاستيراد بعناصر وبرامج الاستيفاء المسبق كمورد ايجابي مباشر .
فبالحوكمة الالكترونية فقط نحسم الامور المالية والنقدية، اذ لم يعد ابدا السكوت والتعليق والتجميد والمفاجآت حلولا، فبعد كل القوانين، نتفاجأ من ان نزاهة البصرة تضبط في التحاسب الضريبي لـ (90) محطة وقود وغاز، منوهة بأن قيمة الاموال الواجب دفعها هي(7 مليارات دينار)، ولنا ان نتصور جميع المحطات كم فيها مشكلات من هذا النوع،  وعندما نسأل كيف ولماذا، لا نجد اجابة الا بالحوكمة الالكترونية حلا حاسما .
من هنا يمكن القول إن الحوكمة الالكترونية فقط هي التي تنهي المراوحة وأنصاف الحلول، ونتائج اللجان العقيمة، وتضع حدا للفساد المالي والنقدي الذي اعتدى كثيرا على المال العام بشكل فريد.