الأسعار في سوق العقارات

اقتصادية 2021/03/02
...

محمد شريف أبو ميسم 
يبدو أن التنافس بين المصارف في تقديم قروض السكن بفوائد مخفضة ومتناقصة، من أجل استقطاب أكبر عدد من الموظفين الراغبين في توطين رواتبهم، كان من بين أهم الأسباب، التي أسهمت في ارتفاع أسعار سوق العقارات، على الرغم من الأزمة المالية التي تشهدها البلاد، فضلا عن مبادرة البنك المركزي الخاصة بتقديم قروض بفائدة منخفضة أيضا عن طريق المصرف العقاري وصندوق الاسكان، بجانب قروض بناء المنازل وشراء الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية التي يتم تشييدها في العاصمة، والتي تتراوح مبالغها بين 50 مليون دينار و125 مليونا.
الأمر الذي أسهم في زيادة الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة في العاصمة بغداد، بما يتناسب ومستويات القروض الممنوحة، التي لا تؤهل الحاصلين عليها من شراء وحدات سكنية بالمساحات المتوسطة أو الكبيرة، فارتفعت أسعار البيوتات الصغيرة على اثر ذلك وزاد الطلب أيضا على شراء البيوت ذات المساحات الكبيرة من قبل العاملين في سوق العقارات، حيث عادت ظاهرة تقسيم مساحات هذه البيوت الى بيوتات صغيرة، بما تحقق أرباحا طائلة جراء ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة، الأمر الذي شجع الراغبين في استثمار أموالهم في هذه السوق، بوصفها ملاذا آمنا من تذبذبات سعر صرف العملة المحلية، بعد رفع سعر صرف الدولار بشكل رسمي ومفاجئ، بنحو 20 بالمئة من سعر الصرف السابق، ما زاد من حالة الانكماش في ظل تلكؤ واضح في برنامج الشمول المالي، الذي كان يستهدف إعادة ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي، وصولا لسحب الكتلة النقدية المكتنزة الى ساحة التداول المصرفي، اذ ألقت حالة تعديل سعر الصرف بظلالها في ساحة التعامل والتداول مع المؤسسات المالية، بعد أن تعرضت ودائع الجمهور بالدينار العراقي الى انخفاض في قيمتها السعرية، ما شجع الجمهور على الاستثمار في هذا القطاع في ظل مخاطر الاستثمار في القطاعات الأخرى.
وتأتي الزيادة السكانية بوصفها عاملا ضاغطا آخر باتجاه زيادة الطلب على الوحدات السكنية، مقابل محدودية المشاريع الاستثمارية في هذا القطاع، الأمر الذي سيجعل الأسعار عرضة لمزيد من الارتفاعات. ولعل مبادرة الهيئة الوطنية للاستثمار بالتعاون مع مصرفي الرافدين والرشيد بشأن تخفيض نسبة مساهمة الراغب في الحصول على وحدة سكنية في مشروع بسماية من 20 الى 10 بالمئة من قيمة الوحدة، تأتي في سياق المعالجات التي تتناسب مع هذه الاشكالية، الأمر الذي يدعوننا الى اعادة النظر بشأن عودة شركة “هنوا” الكورية للعمل في هذا المشروع، الذي يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل مشكلة السكن في العاصمة بغداد.