جدليَّة الموازنة

اقتصادية 2021/03/14
...

ياسر المتولي 
 

رب ضارةٍ نافعة قد تصح هذه المقولة وتنطبق على حالة التأخير الذي رافق اقرار الموازنة، وجهة نظر قابلة للنقاش ولي تبريراتي بهذا الشأن .
فالتأخير في اقرار الموازنة قد تكون فيه فائدة كبيرة توازي مضاره، قياساً بالخلل البنيوي الذي طغى عليها بحسب رؤية خبراء في الاقتصاد، فيما اذا اعيد النظر ببعض بنودها .
ولما كانت الموازنة الحالية مثار جدل من جانب آخر غير الشركاء يتعلق بجوانب فنية في مجال تخصيصات الترفيه عديمة الفائدة ومجال تبويب الموازنة بما يجعلها موازنة تنموية، فان خبراء  الاقتصاد يأخذون عليها اي الموازنة، بانها تفتقر الى الاهداف التنموية الاساسية ويعدونها موازنة احادية الجانب بمعنى انها استهلاكية، اذ ان هناك تخصيصات في جانبها التشغيلي فائضة عن الحاجة لا داعي لها في ظل ظرف العراق الحالي والمتمثل بموازنة مثقلة بعجز افتراضي كبير، وهناك جوانب في تخصيصاتها  تثير مخاوف الاقتصاديين من هدر الاموال وضياعها.
والافتراض بفوائد التأخير هنا يبرره التحسن الملحوظ بأسعار النفط، اذ اصبحت فروقات الاسعار تغطي العجز الافتراضي وزادت ببعض الارقام .
وهذا يعني ان الحاجة تقتضي اعادة تبويب الموازنة من جديد، لكي نستثمر فوائد تأخير الموازنة استثماراً امثل ينسجم ورؤية خبراء الاقتصاد بضرورة تعديل وتحسين التخصيصات الاستثمارية ورفعها بما يجعلها المحرك الاساس  لعجلة التنمية .
وعليه فاذا اريد تصحيح مسار الاقتصاد ومعالجة التحديات الكبيرة التي تواجهها الدولة اجمالا لا بد من تنشيط القطاعات الانتاجية عبر تنفيذ مشاريع ذات مردود اقتصادي سريع يؤمن فرص عمل واسعة لاستيعاب البطالة التي تعد اكبر تحد وعائق  بوجه النظام السياسي للبلد في تحقيق الاستقرار.
على ان تنشيط القطاعات الانتاجية لا يجب أن يقتصر على الشركات العامة، انما لابد من شمول مشاريع القطاع الخاص بهذا الجانب، ثم يتعين اختيار المشاريع المهمة وحسب اولويات فائدتها في تحقيق التنمية، واستناداً لهذا التحول المفعم بالأمل جراء تحسن اسعار النفط، فلابد من اعادة النظر ببنود الموازنة بما يجعلها تنموية وعلى وجه السرعة افضل من أن تنظم موازنة تكميلية تأخذ من الوقت بما لا يكفي للاستفادة من الايرادات الاضافية بعد اقرارها، فالتأخير حاصل لنستغل فرصة التأخير ونعيد حساباتنا لتعويض الاقتصاد الخسائر التي تسبب بها هذا التأخير، لم يتبق متسع من الوقت لتأخير الموازنة، فهل ستعاد الموازنة الى الحكومة لاعادة  النظر في  تبويبها  وتصحيح الخلل المؤشر ازاءها، ننتظر لنرى .