الصراعات الإقليمية وصناعة الجحيم

الرياضة 2021/03/16
...

علي حسن الفواز
 
يضجّ العالم حولنا بالصراعات والحروب، وتخضع فيه التوازنات السياسية الى وجهات نظر متعددة تحكمها المصالح اولا، أو ثنائية القوي والضعيف ثانيا، وبقطع النظر عن النتائج، فإن المعطيات تنتهي الى كوارث انسانية كبرى، والى مواقف دولية ضعيفة، والى مراجعات أممية تبدو وكأنها تعتمد فكرة سدّ الذرائع كما تقول القاعدة الفقهية..
الحديث عن الحياد ليس حلاً ناجعا، ليس لأنه يعني اللاموقف، بل هو الآخر يحتاج الى قوة تحميه، وتُبعده عن تأثيرات وصراعات الآخرين المتورطين بالأجندات والتحالفات والخنادق، والتي عجزت عن أن تصنع نصرا كاملا أو نجاحا مقبولا، فالنصر والنجاح ليسا بعيدين عن شروطهما السياسية والأمنية والدولية، ولا حتى آثارهما الاخلاقية..
ما يحدث في أكثر من جبهة، لاسيما في اليمن وفي سوريا يكشف عن المنحى الخطير لتحوّل الصراع الى كارثة، والى سياسة فائقة الخطورة، والى تحالفات من الصعب عزلها عن التأثير الدولي، فرغم ما يتبدّى في السياسة الأميركية من مواقف جديدة تميل الى المواقف الناعمة، إلّا أنها تظل محكومة بمصالح معينة، ومعطيات جيوسياسية لها علاقتها بالوقائع على أرضية الصراعات الحادثة هنا وهناك. وصولاً الى تغذية تلك الصراعات والحروب والأزمات
الكلّ يتحدث عن الأزمة اليمنية، وعن المجاعة التي تهدد اكثر من 16 مليون انسان، لكن بالمقابل لا أحد يمارس ضغطا حقيقيا على فرقاء الأزمة لغرض وقف المعارك، ولوع الجميع في سياق حوار حقيقي يأخذ بنظر الاعتبار ما تحقق على الارض، وأن يكون الحوار مدعوما من القوى الكبرى، وليس من الامم المتحدة التي لم تستطع مؤسساتها أن تضبط ايقاع الكثير من الحروب الدامية 
في العالم. وحتى الحرب في سوريا وضعتها القوى الدولية والاقليمية أمام حسابات متعددة، بعضها يتعلق بالجغرافيا والسياسة، وبعضها يتعلق بهوية الصراع الجيودموغرافي في المنطقة، والذي يحظى بدعومات من دول وجهات متعددة، كلّ منها يسعى الى اقتراح الحلول التي تناسبه، ولعل اللقاء الاخير التركي الروسي القطري آخر هذه السيناريوهات التي تبحث عن الحلول الضامنة للمصالح وللجغرافيا، ولاعادة توزيع الأدوار، ولهيكلة الجغرافيا كي  لا تكون مصدرا لحروب أشدّ واقسى 
وخارج السيطرة.
نحن لسنا بعيدين عن ما يجري، فكلّ الحروب تمشي على قدمين، وتمدّ لهيبها للجوار الجغرافي أو الجوار السياسي، وكلا الأمرين لهما الأثر الضاغط في تحويل الحروب الكبرى الى حروب صغرى، يمكن تأجيرها للجماعات الارهابية، أو للجماعات المتمردة، والتي قد تجعل تلك الجغرافيا مفتوحة 
على الجحيم دائما..