الأمن الثلاثي للاقتصاد العراقي

اقتصادية 2021/03/24
...

د. احمد الحسيني 
 
لا يخفى عن الجميع ان الاقتصاد العراقي عانى ولا يزال يعاني من الاختلالات الهيكلية في بنيته التكوينية ان صح التعبير، ولعل هيمنة القطاع النفطي على معظم تكوين الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 45 بالمئة تقريبا يبرز كسبب اساسي لاختلال هذا الاقتصاد.
 ومن الاسباب الاخرى التي عمقت من الاختلال الهيكلي للاقتصاد العراقي، هي هيمنة القطاع العام على معظم مفاصل الدولة الاقتصادية وسيطرة الاقتصاد غير المنظم على اجمالي الفعاليات والانشطة الاقتصادية، وهذه العوامل وغيرها تعمل على تقليص مساحة عمل ونشاط القطاع الخاص وهو ما يسمى في الادبيات الاقتصادية ( Crowded effect ) او ما يعرف باثر الازاحة, اضف الى ذلك البيئة الاستثمارية التي لا تزال ضعيفة وطاردة للاستثمارات سواء المحلية والاجنبية والتي تتجسد في تعقيد اجراءات التسجيل للانشطة الاستثمارية الجديدة, وضعف القطاع المصرفي في العراق، والذي لا يزال متخلفا عن الركب العالمي في ادواته والياته, وانتشار مظاهر الفساد المالي والاداري, وضعف البنى التحتية ...
 وغيرها من العوامل التي تعمل على تعميق حدة الاختلال في بنية الاقتصاد العراقي ولا تزال الموازنة العامة العراقية، غير مكترثة بهذه الاختلالات التي من الممكن في يوم من الايام أن تنعكس بأزمة مالية حادة.
 يبدو ان المخطط المالي قد استوعب مدى خطورة التحديات الامنية التي يعيشها العراق، خصوصا منذ عام 2014 عندما سقطت محافظاتنا العزيزة بيد عصابات داعش الارهابية وبدأ فعليا بتعزيز التخصيصات المالية للاجهزة الامنية، وهو بذلك يصبو الى تحقيق وبسط الامن العسكري والامني والمجتمعي والذي اصبح فعليا افضل في السنوات اللاحقة للتحرير.
والعراق بحاجة ايضا للخروج من مأزق الاختلالات الهيكلية الى تحقيق الامن الغذائي والامن الدوائي لتكتمل اركان الامن الثلاثي للاقتصاد العراقي, فالأمن الغذائي يمكن تحقيقه من خلال زيادة حصة وتخصيصات وزارات الزراعة والتجارة والموارد المائية، من خلال اطلاق المشاريع التي من شأنها النهوض بواقع هذه القطاعات المسؤولة عن الامن الغذائي للعراق.
 ويجب ايضا لتحقيق هذه الغاية تفعيل قوانين حماية المنتج وحماية المستهلك والتقييس والسيطرة النوعية، وتفعيل قانون التعرفة الجمركية وحماية الحدود وضبطها للنهوض بواقع المنتج العراقي, ومن الضروري الايمان وبشكل مطلق بأن نهوض هذه القطاعات ستعمل على امتصاص معدلات البطالة المستشرية بين صفوف الشباب، وبذلك تقليل معدلات الجريمة وتحقيق الامن
 المجتمعي.
وايضا لتكتمل الصورة فلا بد من تحقيق الامن الدوائي، من خلال اعادة تأهيل مصانع انتاج الادوية في العراق وتجهيزها بأحدث المعدات العالمية لتواكب التطورات على الصعيد الصحي، فبدلا من استيراد الادوية، التي يؤكد الخبراء أننا قادرون على تصنيعها لتوفر المواد الاولية اللازمة لصناعتها وتوفر الخبرات والايدي العاملة، ومن ثمَّ اصبح لزاما على المخطط المالي ان يتبع سياسة احلال الواردات، وذلك من خلال زيادة التخصيصات المالية الاستثمارية لقطاع الصحة في العراق.