التعليم الالكتروني والمراحل الابتدائيَّة

آراء 2021/03/29
...

  سرى آل جواد
 
تحاول وزارة التربية إثر إغلاق المدارس بسبب كورونا إكمال العام الدراسي بكل وسيلة، لكن الوسائل المتاحة والمتبعة لاتنتابها العراقيل وحسب، بل برّزت أيضا عيوب أنظمة تعليمية، لم تنجح أصلاً في الأنموذج المستجد.

 ولإيجاد الحلول المناسبة لهذا المأزق استنجدت وزارة التربية بالتعليم عن بعد؛ لمحاولة إنقاذ الموسم الدراسي، معلنة عن مواقع خاصة وقناة تربوية، تتيح من خلالها للتلاميذ والطلبة متابعة دروسهم، ولكي لا نبخس مجهودات الوزارة لا بدَّ من ذكر ما انمازت به الطريقة المتبعة على استبدال التعليم التقليدي بالتعليم الالكتروني المتطوّر، والتي يتيح لكل من لايستطيع الالتزام بالدوام استكمال تعليمه عن بعد، وبمساعدة الأهل على مشاركة أبنائهم في التعليم،  وإيجاد منبر للتعاون والتواصل المستمر بين ولي أمر المتعلم والملاكات التعليمية، كما أسهم التعليم عن بعد في استخدام التكنولوجيا لصالح ما يفيد العملية التعليمية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة بالشكل المطلوب والصحيح لتسهيل عملية التعليم، وقد أسهم هذا الظرف في الإطلاع على أساليب شرح مختلفة للمادة الواحدة، وأتاح استخدام وسائل تعليمية حديثة غير تقليدية، وجعل الطالب جزءا من العملية التعليمية وهدفها، وانتشل التعليم من مستنقع الدروس التلقينية، ومكّن كذلك من الوصول إلى الطريقة المثلى في تقديم المواد وتبسيطها للطلاب.
 لكن رغم الحاجة الماسة إلى التعليم عن بعد في زمن كورونا، إلّا أن هناك انتقادات مطوّلة تعرضت لها الطريقة المتبعة في التعليم إجباريا، والتي منها الصعوبات التي واجهت التعليم عن بعد، وأفرزت مشاكل هيكلية تعاني منها الأنظمة التعليمية، ولعل أكبر العراقيل ضعف الأوضاع المعيشية لجزء كبير من السكان، وعدم وصول تغطية الإنترنت إلى كل المناطق في البلاد، وعدم القدرة على خلق تفاعل شبيه بما يجري في الفصول التقليدية، فضلاً عن أن هذه التقنيات التي يتيحها التعليم الإلكتروني لم تختبر سابقًا، ولا تزال التجارب التربوية الإلكترونية متواضعة جدا، وتتركز الناجحة منها في أمور جزئية لا تفي بمتطلبات التعلم، ولم تستطع وزارة التربية إدخال التعليم عن بعد في النظام الدراسي، رغم أن هذا النظام كان من المفترض إتباعه منذ أكثر من عقد.
والمعوقات التي تعتري العمل في هذه المنصات، وأهمها هو أن شرط التفاعلية في التعليم عن بعد مفقود أو غائب تقريباً، كما توجد العديد من المشاكل التقنية في مشاهدة هذه الدروس، خاصة مع ضعف سرعة الانترنت في بعض المناطق، وأحياناً وجود ثغرات في الأدوات الرقمية المستخدمة، كما جرى مع بعض التطبيقات الذي تعرّض لانتقادات كبيرة لمزاعم تخصّ عدم احترام الخصوصية، كما توجد إشكالية أخرى تتعلّق بالأطفال الذين يعانون مشاكل في النظر أو السمع، إذ لم يتم بعد توفير حل تقني يتيح لهم الاستفادة من التعليم عن بعد. وتزداد عراقيل التعلم الإلكتروني حدة في الأرياف، لا سيما مع عدم توفر شبكة الإنترنت. وإن توفرت تكون ذات سعات قليلة جدا، والمأساة في البقية الذين لا يتوفر لديهم إمكانية مادية لشراء هواتف ذكية، وأن ضعف المستوى التعليمي للكثير من الأسر يُصعب التعليم المنزلي ومراقبة الأطفال خاصة مع ارتفاع نسب الأمية. ومن التحديات الطارئة، عدم إعداد المدرّسين للتعليم عن بعد، إذ ينحصر جلّ  التدريب على التعامل داخل الفصل الدراسي التقليدي، وجلّ المبادرات الرقمية التي كانت تتم بين المدرسين والتلاميذ كانت تطوّعية، ولم تقم مديريات التربية بدورات تثقيفية للبرامج الرقمية إلا ما ندر.  وهناك تحدٍ آخر يخصّ الثقافة الرقمية للتلاميذ، فغالباً ما تركز المناهج التقليدية، مقارنة مع مناهج دول متقدمة تتيح للتلاميذ دروساً جد متقدمة في المجال الرقمي.
فضلا عن كل ما تقدم شهدت العملية التربوية في الآونة الأخيرة قرارات مرتجلة ومتغيرة، خاصة في طريقة إنهاء العام الدراسي بنجاح التلاميذ والطلبة جميعًا؛ مما يدفع بالتلميذ لإهمال دراسته بحجة أن النجاح سيكون حليفه في نهاية المطاف، وإن لم يكن ذا كفاءة غير مستحقة ومتواضعة، وهنا يجب على الوزارة أن تتخذ إجراءات بوقف أو تقليل تلكم القرارات التي لا تأتي بالنتائج المرجوة، ولا تحقق الأهداف التي تطمح العملية التعليمية في الوصول إليها، وعليه يجب عليها اتخاذ قرارات مركزية موحدة، تعالج الخلل الذي سبق تسجيله في السنة الماضية.