الدولة ومكافحة التذمر

آراء 2021/03/29
...

 كاظم لفتة جبر  
 
 التذمر هو صفة تلازم الإنسان بفطرته نتيجة الظروف التي تحول بينه وبين سعادته التي يبحث عنها، فالإنسان كائن متُذمر، تعيش الظروف الزمانية والمكانية على وجوده، فالتذمر يظهر عند وجود ظروف محيطه بنا لا تلائم رغباتنا وتطلعاتنا للعيش برفاهية،

فالإنسان منذُ القدم كان التذمر أحد صفاته في المعيشة لتوفير الحاجات الأساسية والضرورية، إلا أن تطور المدنية وظهور الأنظمة السياسية وقيادتها للأفراد، جعلا حياتهم وحاجاتهم مملوكة للسلطات، إذ جعلت السلطة هي من تقرر مصيرهم وتوفير حاجاتهم وتحديد رفاهيتهم وفقاً لتقربهم وبُعدهم عن السلطة.
 الا ان الانسان لم يبق صامتاً، بل كان التذمر هو الدافع لفرض سلطة الفرد على الدولة، هذه السلطة تستمد ظهورها من معطيات تعامل الدولة مع الافراد وتوفيرها الحاجات الاساسية والخدمية لهم، فنقض الدولة لميثاق العقد الاجتماعي بينها وبين الأفراد، الذي تم وفق قانون الانتخاب، هو الأمر الذي يولد التذمر من قبل الأفراد. 
الشعب المتذمر يبدأ باللسان وأعمال الاحتجاج الذي توصل رسالة انذار للحاكم على أفعاله، سواء كان الحاكم فرداً أو مجموعة أفراد يمثلون الطبقة السياسية الحاكمة، فالتذمر بداية كل ثورة وانتفاضة من أجل التغيير وإصلاح ما فشلت به الطبقة السياسية من توفير الحاجات والخدمات لمواطنيها.
 فالدولة ليست فرض قانون وانتظام مسيرة مجتمع، بل تكوينها الأساسي على العمل أن تُفكر في إيجاد طرق وأساليب وحلول ومعالجات لتوفير الحاجات الضرورية، التي يمكن أن تطفئ شرارة عدم الرضا لدى المواطن، ولك أن تتخيل أن دولة تفرض حظراً أمنيا وتقطع أرزاق بعض أفرادها لتجنب انتشار الوباء، الا أنهم لم يتعبوا أنفسهم في التفكير في إيجاد أساليب تكافح الوباء وتحافظ على المواطن وعلى ارزقهم، بل إن همهم قطع وتقطيع المدن في وقت هجوم الوباء وانتشاره، فكأنما الوباء سيارات مفخخة وليس شيئا غير مرئي، فنجد أن من حق المواطن أن يتذمر نتيجة سياسيات الدولة الخاطئة، والتي تحتاج بعض قراراتها إلى اعادة تفكير قبل هيجان بركان التذمر الشعبي. 
 ومهما حاولت الطبقة السياسية من إقرار قوانين في مجلسها لتحجيم ومكافحة التذمر الذي يعج به الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف اليومية، لم يمنع هذا التذمر الشعبي من الاستمرار من اجل تغيير 
واقعه.