الورقة البيضاء وزيادة الأعباء

آراء 2021/03/29
...

 د. فاضل البدراني 
 
فقط رفع سعر صرف الدولار وزيادة أعباء الأسر الفقيرة، ومن هي تحت خط الفقر، كل ما طبق من فقرات الورقة البيضاء التي أطلقتها الحكومة في محاولة التصدي للأزمة الاقتصادية الخانقة، لكنَّ ثمة تساؤلا مطروحا من المجتمع، ماذا بمقدور الدولة من تدابير تفعلها؟  عمليا ما مطروح هو «الورقة الضاغطة على الفقير» التي هي نتاج تنظير بعض الجهات الحكومية المعنية، للورقة البيضاء التي قدمتها بنهاية 2020، وعلى الرغم من أن رؤوسنا صدعت بظروف وطبيعة تسويقها على أنها ستكون أم الفرص من صياغة ذهبية لعقول نيرة ابتكرتها لتحقيق العدالة واستنباط فلسفة جديدة تؤسس لشكل وطبيعة الاقتصاد العراقي، لكنها عمليا فقط صدعت رؤوس العراقيين، بينما يتلقون ورقة لا تتضمن سوى تغيير بسعر صرف العملة العراقية، وخفض قيمة الدينار أمام الدولار وانهاك وضع الأسر محدودة الدخل اقتصاديا، فالمعركة على الورقة الضاغطة جعلت الخلاف يدب بين فريقين من كتل برلمانية، فريق يحاول إعادة قيمة الدينار الى ما كانت عليه قبل إجراء التغيير في منتصف كانون الأول 2020 مقابل فريق يحاول الإبقاء على سعر صرف الدولار الحالي لحماية السوق العراقية من تأثيرات أسواق بلدان مجاورة متضررة من خفض قيمة الدينار، وهذه المعركة دخلت فيها الحكومة طرفا معارضا، ويواجه انتقادات. وقد ينظر  بعض المتابعين للخلاف هذا، على أنه محاولة سياسية ماكرة مدبرة باختلاق لعبة إشغال الرأي العام بقضية سعر صرف الدينار أمام الدولار، وافتعال معركة تصريحات ساخنة متبادلة، الغاية منها تمييع الحقيقة على الناس وادخالهم بقضية بديلة. فالحكومة معنية بموجب الحقوق الدستورية على معالجة الأمن الغذائي للشعب، وانتشال الأسر الواقعة تحت خط الفقر وكذلك الفقيرة بتوفير فرص عمل، أو ابتكار مشروعات ذات جدوى اقتصادية، استثمارية، مع استثمار فرصة ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وضخها في السوق لمواجهة الغلاء الفاحش الناجم، عن اجراء خفض قيمة الدينار، لكن ينبغي على الحكومة، تصفير المشكلات المتعلقة بجرائم الفساد المالي، والإداري والتهريب والرشوة بالقانون، كونها الأصل في رفع نسبة الفقر الى 40 % ومن مسؤولية الحكومة أن ترفدنا بإجابة، كم ستوفر الورقة البيضاء التي تصفها بـ«الإصلاحية» من أموال في خزينة الدولة من دون معاقبة، الفقراء والمعدمين، بمزيد من الفقر؟ فمفهوم الإصلاح هو توفير الخدمات للناس وحمايتهم من لهيب السوق، وليست معاقبتهم بالفقر، وكذلك النظر بإمعان لمسألة رفع أسعار النفط بالسوق العالمية من 36 دولارا للبرميل عند طرح الورقة البيضاء الى 72 دولارا للبرميل الواحد حتى هذه اللحظة، أليس المبررات لم تعد قائمة؟.