قانون الموازنة.. توافق أم تصويت؟

آراء 2021/03/31
...

    محمد صادق جراد
أسباب كثيرة تقف وراء تأخير اقرار الموازنة العامة للعام 2021، من أهمها إبقاء ملف الخلافات بين الاقليم والمركز مفتوحا منذ سنوات طويلة، وعدم وجود ارادة حقيقية لحل المشكلات العالقة وفق الدستور العراقي، وهذا الامر جعل قضية التصويت على الموازنة في كل عام فرصة لإظهار الخلافات المزمنة بين الشركاء الذين فشلوا في التوصل الى حلول ناجعة ونهائية لأزمات اقتصادية وسياسية مازالت عالقة منذ سنوات بين حكومة الاقليم وحكومة المركز بسبب غياب الارادة الحقيقية للوصول الى الحلول المناسبة.
ومن هنا أصبحت الموازنة تبتعد كثيرا عن كونها بيانا تقديريا تقوم به الحكومة لتوضيح نفقاتها وإيراداتها لتتحول الى صراعات سياسية بين المركز والاقليم والتي افرزت مشكلات عديدة، اهمها علاقة الحكومة المركزية بحكومة الاقليم والصلاحيات المحددة لكل منها، ومسألة تصدير النفط وتسديد مستحقاته التي غابت طيلة الفترة السابقة ورواتب الموظفين وتسليح البيشمركة وآلية ادارة المنافذ الحدودية، ومستحقات الشركات النفطية واعداد الموظفين ومشكلات اخرى كثيرة جعلتنا امام مساومات ومناكفات تتسبب في تعطيل الموازنة كما يحدث اليوم . 
ولقد أثبتت القوى السياسية المختلفة، وعلى مدى سنوات طويلة، فشلها في ادارة هذا الملف، والدليل على ذلك ان هذه الازمات متواصلة منذ 2003 حتى الآن بالرغم من جولات المفاوضات الكثيرة التي جمعت الوفود القادمة من الاقليم مع الحكومات المركزية المختلفة، ولقد حاولت القوى السياسية مرارا الوصول الى توافقات لتمرير الموازنة ووضع المطالب في سلة واحدة، أما اليوم فيبدو ان السلة لن تستوعب جميع المطالب، ولابد من اللجوء الى التصويت بالاغلبية لإقرار الموازنة العامة كونها احدى أهم أدوات السياسة المالية، بالاضافة الى كونها وسيلة الحكومة لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، فنحن اليوم امام حاجة كبيرة لتصحيح المسار الاقتصادي من خلال تفعيل الكثير من القطاعات التي تحتاج الى تخصيصات مالية كقطاع الصناعة والسياحة والزراعة والاستثمار، ولابد من النظر الى قانون الموازنة العامة والقوانين الاخرى من زاوية وطنية تبحث عن تحقيق المصلحة الوطنية العليا وليس من زاوية تحقيق المصالح الفئوية والمناطقية الضيقة بما يضر مصلحة المواطن العراقي .