المواطن بين الدستور والواقع

آراء 2021/03/31
...

  نوزاد حسن
يوجد هناك مواطنان,الاول هو المواطن الذي تحدث عنه الدستور العراقي بالتفصيل في الباب الثاني المعنون بالحقوق والحريات، هذا المواطن نال كل شيء، فقد خصصت له 32 مادة قانونية بفقراتها الكثيرة المختلفة,وهذا هو اجمل ما في الدستور، ولو كان المقام يتسع لنقلت وناقشت بعض تلك المواد، لكني اود ان يقرأ الجميع ما جاء من مواد قانونية تخصهم,وتبين لهم حقوقهم وحرياتهم المنصوص عليها دستوريا.
المواطن الذي يعيش بين صفحات الدستور هو أسعد انسان في العالم، انه اكثر سعادة من الانسان الفرنسي والفنلندي.
كل شيء متوفر لمواطن الدستور، الحرية، التكافل الاجتماعي,والحق في الخصوصية، وفرص ذهبية اخرى، لذا لا يشك أحد في انه سعيد بامتيازه، ويفخر بحريته الطويلة العريضة كل الفخر.
يقابل هذا المواطن السعيد مواطن اخر يعيش في الواقع.يكافح من اجل العيش، ويبحث عن فرصة عمل، ويعرف هذا المواطن جيدا ان المحاصصة افسدت البلد,وشرعت الفساد، هو لا يقول هذا، السياسيون يقولون دائما هذا الكلام، ويعترفون ايضا بانهم فشلوا في ادارة البلد ادارة سليمة.
مواطن الواقع يريد ان يتمتع بابسط فرص الحياة، التعيين مثلا صار حلما، وحلا وحيدا امامه بعد أن تلكأت المشاريع الصناعية والزراعية، ولم يجد العاطلون طريقا امامهم الا التظاهر,والجلوس على الارصفة امام اعين المسؤولين، لعلهم يحصلون على نظرة عطف تغير حياتهم.
قد لا يعرف المواطن وهو يعيش في واقعه أن الدستور هو ضمان حقيقي لحقوقه، وانه مخصص بالكامل له، عفوا مخصص لمواطن اخر يعيش بين صفحات الدستور لا خارجها.
ما لا يعرفه المواطن الباحث عن لقمة عيشه ان الباب الثاني سبق الباب الثالث المخصص للسلطات التشريعية، هذا يعني أن حقوق وحريات الافراد لها من الاهمية، بحيث انها سبقت كل ما جاء في باب السلطات التشريعية.
وعلى الرغم من ذلك يشعر الكثيرون بأنهم خارج دائرة الاهتمام، ولا يمكن اقناعهم انهم مفضلون ومهمون ما دامت فقرات الدستور قد نصت على منحهم افضل ما يحلم به البشر في اي مكان.
هل يشعر المواطنون البسطاء ان هناك مسافة تفصلهم عن الباب الثاني المغلق على كنوز ضمنها الدستور لهم؟، لكن من يملك مفاتيح ذلك الباب كي يفتحه لمواطن ينتظر لحظة استرداده حقه وصوته وآدميته؟.