يعرف التهديد بأنه طلب أمر من شخص مقرون بارتكاب جريمة ضد نفس المجنى عليه أو ماله أو ذويه أو افشاء امور مخدشة للشرف أو أية امور أخرى، مصحوبة بتكليف امر أو امتناع عن الامر التهديد من حيث جسامة الجريمة يعد جنحة او جناية.
ويقول قاضي مكتب التحقيق القضائي في الكاظمية محمد محيسن ردا على سؤال بخصوص التهديد الواقع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي إن «الرقابة لم تضع في قانون العقوبات وانما الرقابة تقع بعد وقوع ارتكاب الجريمة، كما ان الأمور كانت خارجة عن السيطرة في بداية تأسيس شركات الاتصال، نظرا لوجود ارقام غير مسجلة أو لم ترد معلومات أصحابها، لكن حاليا اغلب شركات الاتصال ملتزمة بهذه الإجراءات وأية مخاطبة ترد عن طريق المحاكم للشركة المعنية تجاه رقم تهديد ترد الإجابة منهم».
وأضاف القاضي محمد محيسن «أصبحت شركات الهاتف النقال ملتزمة بأخذ مستمسكات الكفيل وسرعة الإجابة على أي سؤال يرد من قبل قضاة التحقيق بخصوص اي استفسار على ان يكون رقم الهاتف مثبتا بقرار القاضي مع إرسال نسخة من القرار الى شركة الاتصال لتتم الاجابة عليه».
وعن امتلاك المواطن شريحة لم تسجل باسمه اجاب القاضي إن «هذه المسألة سهلة لأن المشتري اللاحق (الجديد) قد أبرم عقدا مع الشركة لتصبح الشريحة بذمته، اما ما قبل العقد، فكانت بذمة السابق وبسهولة يمكن كشف ذلك والتمييز ما بين المالك السابق واللاحق وفقا لعقد الشراء في حال كان هناك تهديد قد حصل من هذه الشريحة «.
أما عن التهديدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغالبا يبين قاضي مكتب التحقيق القضائي في الكاظمية أن « قسم تحقيقات الادلة الجنائية - مكتب الجرائم المعلوماتية يتم تزويده برابط صفحة التهديد، ومن خلاله يتم التوصل الى صاحب الصفحة ومعلوماته وبعد معرفة جميع التفاصيل تتخذ الإجراءات القانونية بحقه».
بدوره يقول قاضي محكمة تحقيق الدورة وسام وليد إن «جريمة التهديد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 من الجرائم الماسة بحرية الانسان وحرمته وقد تناولها المشرّع العراقي ضمن أحكام الجرائم الواقعة على الاشخاص، بكونها جريمة مستقلة وقائمة بذاتها ولم تعرف التشريعات العقابية ومنه التشريع العراقي فعل التهديد، ولم يحدد صيغ التهديد، أي لم يبين ما يعدُّ تهديدا وما لا يعدُّ ذلك، بينما ترك الامر للمحكمة كما ترك امر تعريفه لفقهاء القانون الجنائي، الذين عرفوا هذا السلوك بتعريفات عديدة تتفق في مضمونها، على ان التهديد هو كل قول أو كتابة من شأنه القاء الرعب والخوف في قلب الشخص المهدد من ارتكاب الجاني للجريمة ضد النفس أو المال أو افشاء أو نسبة امور مخدشة للشرف».
وتابع «نعيش اليوم أزهى عصور التطور العلمي والتكنولوجي ويعود الفضل في ذلك للثورة المعلوماتية، التي حققت طفرة ملحوظة في مستويات التقدم التقني والعلمي شملت معظم نواحي الحياة، ومن ابرز ملامح هذا التطور ظهور مواقع وشبكات التواصل، غير انه لم يكن احد من مخترعي الانترنت يعلم انه في يوم من الايام سوف تستغل هذه الوسيلة الاتصالية في الاجرام، لكن مع مرور الزمن وتزايد عدد المرتبطين بهذه الشبكة ظهر نوع من الجرائم اطلق عليه مصطلح (جرائم الكومبيوتر والانترنت)، واصبحت مواقع التواصل الاجتماعي فضاء جديدا للجريمة».
ولفت إلى أنه « في ظل هذا التطور كان لا بد من تطوير اجراءات التحقيق واتخاذ قرارات قضائية، تتلاءم مع ذلك التطور، فالتهديد الذي يقع من خلال تلك الوسائل يعدُّ من جرائم التهديد التي يعاقب عليها القانون، حيث تحدث في الكثير من الاحيان ان يتلقى شخصا مكالمة من مجهول أو رسالة تهديد خالية من اسم مرسلها أو استعمال اسم وهمي، فيجبر المشتكي الى مراجعة الجهات التحقيقية للإخبار عن هذه الجريمة وتتخذ على ضوء ذلك قرارات من المحاكم المختصة بمفاتحة شركات الاتصالات، لغرض معرفة عائدية الرقم المتصل وتحديد مكان الاتصال أو مفاتحة وزارة الداخلية– شعبة الجريمة الالكترونية لمعرفة عائدية حساب الفيس بوك أو تويتر ومن ثم اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق اصحاب تلك الخطوط أو الحسابات».
ويؤكد «غالبا ما تكون العلاقة بين الجاني والمجنى عليه في جرائم التهديد معروفة أو تتبعها مصالح تجارية او شخصية تمهد لارتكاب جريمة التهديد مهما حاول الجاني التستر خلف التطور الحاصل في وسائل الاتصال، ولعل اهم تلك المشكلات التي تواجه التحقيق في هذه الجرائم عدم تحديث ملكية خطوط الهاتف النقال، اذ غالبا ما يتم التهديد من خلال ارقام هواتف تعود ملكيتها لغير الجاني او يكون حساب الفيس بوك أو تويتر أو الانستغرام مسجلا بمعلومات غير حقيقية أو مغلق بسبب سياسة الخصوصية لتلك المواقع».
وأشار إلى أن «المشرّع العراقي أعدَّ جريمة التهديد في بعض صورها جناية وفي البعض الاخر جنحة، وحدد المشرّع العراقي لجريمة التهديد الواردة في المادة 430 حالة شددت فيها العقوبة، فجعلها السجن المؤقت (لا تزيد على سبع سنوات) واصفا اياها جناية غير انه حدد في الجريمة في المادة 431 عقوبة الحبس التي لا تزيد على الحد الاعلى لعقوبة الجنحة كما حدد في المادة 432 من قانون العقوبات عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة أو الغرامة من ذلك، يتبين ان اختلاف وسائل التهديد وتعدد صيغها يؤدي بالنتيجة الى اختلاف العقوبة حسب درجة جسامة فعل التهديد ووسيلته، وان جسامة التهديد والوسيلة المستعملة فيه هي المعيار المناسب لتحديد مقدار عقوبة الجاني، وان علة العقاب على التهديد، كونه يصيب الانسان في شعوره بالامن والطمأنينة في اداء اعماله المعتادة في حياته».
وأكد أن «موقف القضاء العراقي اعطى الاولوية في مواجهة ظاهرة التهديد كما هو الحال في باقي الظواهر، التي بدأت تتفشى في المجتمع وتنتشر وقرر مجلس القضاء الاعلى في جلسته الثانية عشرة لعام 2018 التعامل مع بعض صور التهديد او ما يعرف بـ ( الدكات العشائرية) باعتبارها من الجرائم الارهابية وشدد على ضرورة التعامل مع مرتكبيها بحزم وفقا لإحكام المادة 2/1 من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005، وكان لهذا القرار الاثر الكبير في الحد منها بشكل كبير وانحسار معدلات ارتكابها بشكل ملحوظ».