جدوى التعليم الأهلي

اقتصادية 2021/04/17
...

ياسر المتولي 
تعد ظاهرة اتساع التعليم إيجابية ومطلوبة حين تقترن بتخطيط القوى البشرية على وفق الإفادة القصوى من قدراتها الذاتية، وبما يلبي حاجة البلد للنمو والتطور وتوجيه وصقل المواهب ومراعاة توجهات النشء الجديد او الجيل والأهم الشباب.
وصورة التعليم تتشوه في حال تحديد الهدف من التعليم بالحصول على وظيفة عامة (موظف حكومي)، وحل مشكلات البطالة في هذا البلد مرتبط بهذه الظاهرة وباتت ثقافة عامة بين الاجيال، وفرضت واقعاً يصعب معه توفير وظائف عامة لكل الخريجين، يأتي ذلك مع اتساع ظاهرة التعليم الجامعي، خصوصاً هذا الهدف بحد ذاته لا يمكن لأي دولة في العالم تحقيقه، مهما كانت غنية او متطورة (لا يمكنها تعيين كل الخريجين).
صحيح إن من صلب واجبات الدولة هو العمل على توفير فرص عمل لكل ابنائها، نعم فرص عمل ووظائف لكن ليست وظائف حكومية فحسب، انما تقابلها وظائف خاصة اي في القطاع الخاص.
وهنا يتضح الخلل الذي تمثل بالتوسع في التعليم الجامعي، من دون التخطيط لمستقبل الخريجين، لذلك تجد فوضى في التشغيل وعجز في توفير فرص كافية.
الآن أعود لأصل العمود، فان قرارات توسيع التعليم الاهلي كانت سليمة وذات جدوى اقتصادية، من اهمها التخفيف عن كاهل الدولة من كلف التعليم، حيث تكلفة الطالب الواحد عالية لحين تخرجه، فالتعليم الاهلي يسهم بتحمل الطبقات الميسورة هذه الكلف وتقاسمها مع الدولة، ثمًّ إن التعليم الاهلي يستقطب الكفاءات التدريسية المحالة على التقاعد والافادة من خبراتها (معنى القيمة المضافة) لجهد هذه الكفاءات عدا توفير حياة مرفهة لهم ايضاً، وكذلك تلبية رغبة الطالب بالتخصص الذي يناسبه على عكس انسيابية التعليم الحكومي على وفق المعدل.
وهنا قد يكون المعدل عائقا لرغبات الطلبة او سبباً في تغيير تخصصه وقد يكون لحالة نفسية في وقتها وليس مستواه العلمي .
وهناك جدوى اقتصادية مفادها لماذا نترك الطلبة من ابناء الميسورين يذهبون الى خارج البلد للحصول على رغباتهم، ولك ان تتصور حجم العملات الصعبة التي تخرج لتعليمهم خارج البلد وهناك مزايا اخرى كثيرة.
الذي دفعنا لتناول هذا الموضوع نسمع بأن الكليات والمدارس الاهلية تواجه مضايقات، وهناك دعوات لإغلاق قسم منها.
لذلك نقول إنَّ واجب القائمين على التعليم هو التخطيط والمراقبة وكذلك تشجيع المنافسة بين الجامعات الحكومية والاهلية وقياس الفرق بينهما في النتائج المتحققه بكل شفافية، اما بخصوص الوظائف وفرص العمل فان مسؤولية الدولة توفيرها من خلال تشغيل القطاعات الانتاجية وتشجيع القطاع الخاص لتوسيع نشاطاته، القادرة على استيعاب نسب البطالة الاكبر الى جانب سن قوانين عمل مشجعة وداعمة للعمل في القطاع الخاص مساوية، او ترتقي الى امتيازات الوظائف الحكومية عند ذلك سيكون  تخطيط القوى البشرية سليما جداً، ونقضي على ثقافة التعويل على الدولة في البحث عن فرص عمل.
عليه ندعو لاعادة النظر في التعاطي مع التعليم الاهلي، وفقاً لمصلحة البلد ما دام الخيار منهج اقتصاد السوق مقررا دستورياً .