اقتصاد الطماطم

اقتصادية 2021/04/28
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
حال الطماطم عندنا، يختلف كثيرا عن حالها في باقي البلدان، فهي عند غيرنا، ليس سوى نوع من انواع الخضراوات، وان كان لونها احمر، وبعض المجتمعات تحسبها على فصيلة الفواكه، لطراوتها وجمال شكلها، وتعدد استخداماتها.
اما عندنا، فأمرها عجيب، فمرة نجدها اميرة، وتارة نجدها مهانة ذليلة، لا تحظى بأي اهتمام، فتُرمى في الطرقات، ومرةتُعدّ مؤشرا حساسا لقياس النجاح او الاخفاق في السياسات الاقتصادية والاستثمارية!، او معيارا لحساب معدلات الفقر، وان غيابها يعني المزيد من الفقراء في البلاد!.
ومما لاشك فيه، ان حضور وغياب الطماطم مرتبط بظروفها هي، فكما هو معلوم، انها تُزرع لدينا في العراق، بموسمين، الشتوي(المغطاة) والصيفي، ولذلك فمن الطبيعي جدا أن تشهد الأسواق، وفرة بالطماطم، عندما يحل الموسم، شتويا كان ام صيفيا، فتنخفض أسعارها الى ادنى مستوى لها، ليصبح سعر الكليو بمئة دينار او اقل، ولكن، خلال المرحلة الانتقالية بين الموسمين، تعاني الاسواق من ندرتها، فترتفع الاسعار ويقل الاقبال، وهنا ليس امام وزارة الزراعة، سوى السماح بالاستيراد، لسد الحاجة المحلية، لان الطماطم، هي الاكثر طلبا من قبل المستهلكين، وهذااجراء سليم، تلجأ اليه الكثير من بلدان العالم، ولا يمثل تقاطعا مع ما اعلنته الوزارة في شهر شباط الماضي بمنع الاستيراد بسبب وفرة الانتاج، لتعود بعد ثلاثة اشهر، وهي مدة الموسم، للسماح باستيراد ٥٠ الف طن، لسد الحاجة، لحين حلول الموسم الصيفي، وسنشهد عندها طماطم عراقية من محافظات مختلفة، بنوعيات جيدة، ولكن باسعار رديئة كالعادة، وهنا مربط الفرس، وبيت القصيد.
إنَّ وفرة الانتاج سواء من الطماطم او غيرها، يتطلب منا ايجاد خطة واضحة المعالم، للافادة من هذه الوفرة لتغطية فترة الندرة، وهذا يستدعي بطبيعة الحال، بناء مخازن عملاقة، بمواصفات جيدة، لخزن الكميات الفائضة من المحصول، وهي كميات هائلة جدا، وهنا نكون قد حققنا عدة اهداف، اولها ان الاسواق لن تشهد شحا في المنتوج، لأن المخزون المتوفر يسد الحاجة، وثانيها، المحافظة على الاسعار من التدني، وهنا ستكون الزراعة مجدية ومشجعة للفلاح، وثالثها، المحافظة على اموالنا من الخروج الى بلدان اخرى، فنستفيد منها في دعم الزراعة، ورابعها، حماية المنتج المحلي ورفع قدرته على المنافسة امام المنتج المستورد، وخامسها، تطوير الصناعة التحويلية للمنتجات الغذائية، وفي مقدمتها صناعة المعجون، وسادسها، سنخطوخطوة مهمة نحو تحقيق الامن الغذائي، ولا اعتقد ان بناء مخازن مبردة وعملاقة، بالامر الصعب، ويمكن للقطاع الخاص العراقي ان يتولى مثل هذه المهمة، بمساعدة من الجهات الحكومية المعنية.
هي خطوة بسيطة ولكن النتائج المتوخاة منها ذات اثر اقتصادي وتنموي كبير.