ملابس الأقدام في هيت

فلكلور 2021/05/05
...

 عبدالرحمن جمعة الهيتي
 
عَرَفَ الرجل الهيتي الحذاء ولبسه حفاظاً على قدميه في مسيرته الحياتيَّة وخاصة عند لقاء أصدقائه وأبناء عمومته في المقاهي المنتشرة في المدينة والدواوين التي كان يقضي بها جل أوقاته.
خصف الهيتي حذاءه من جلود الأبقار والإبل. ولما وجد المطاط الذي تصنع منه إطارات السيارات استبدل حذاء الجلد بحذاء "اللاستيك" لأنها أسمك من جلود الحيوانات كان ذلك في أربعينيات القرن الماضي.
ولبست المرأة الهيتية شأنها شأن المرأة البغداديَّة القبقاب وحتى في مصر وسوريا.. وهذا القبقاب يعمل من خشب التوث ويشد عليه جلد بقدر ارتفاع مقدمة كف القدم وقد تفنن النجار الهيتي في صناعته وتلوينه بألوانٍ جميلة.
لقبقاب المرأة أغانٍ يتغنى بها العشاق حين يسمع صوته ولم تحضرني الأغنية الهيتية. لكن الأغنية المصرية تقول: "رنت قبقابي يمه رنت قبقابي وانا ماشية".
وقصة العاشق الهيتي لما أراد أنْ يهدي عروسته يوم زفافها نعلاً يزين قدميها.. فرش الرمل قرب جسرية هيت طريق سيرها وهي تملأ الماء في جرار حتى تطأ الرمل بقدميها وليأخذ بخيط مقاس حذائها البسيط والمسمى نعل أبو تخته وهو عبارة عن "لاستيك" تشد عند مقدمته سير من الجلد بقدر انج واحد، شاع هذا النوع من الأحذية ومن لبسته والتي عدت من بيت ترف.
وكان الفلاحون يأتون مشياً عند سواقي الماء "العواميد "يغسلون أرجلهم ويلبسون أحذيتهم ليدخلوا المدينة باناقة وجميل مبلس.
وانتعل كبار السن من الرجال والفلاحين في ما بعد الحذاء "اليمني" الذي كان يصنع في بغداد، كبير الحجم من جلود الأبقار ويطلى باللون البرتقالي يشبه الخف الكبير ومن لبسه يعدُّ ذا لياقة وشياكة.
لكنَّ أحدهم نساه في المقهى لما تربع على تخت وأخذته سنة من النوم، ولما وصل الى بيته سُئل عن جديد خفه؟ صفق كفاً بكف.
وفي خمسينيات القرن الماضي شاع في بغداد لبس الحذاء النسوي "السكاربيل" فقد عمل من الجلود الجيدة ولون بألوان جذابة وهو ذو كعب عالٍ لبسته بعض النسوة ممن أزواجهن ذو ميسرة وبعض نساء المعلمين.
وردد بعض الشباب الاغنية: سكاربيلك 
عالي عجزك ابو الدبابة
كما لبست المرأة الهيتية الحذاء الجديد الذي شاع لبسه في بغداد "البابوج" حذاء بكعب عال جميل الألوان والاشكال وتطورت صناعة الأحذية في بغداد والموصل وسميت باسم سوق السراج والواقع في الرصافة عند جسر الشهداء، فقد تطورت صناعة الأحذية الرجالية والنسائيَّة، وقد تفنن الرجل الهيتي في ملبسه وهندامه وحذائه فكان أنيق الملبس متناسق الألوان وصاحب شياكة وله جزة عند تجواله وسيره مع أصدقائه في درب البساتين والدوارة، فتراه حسن الهندام متأنقاً معتزاً برجولته 
وإبائه.
إنَّ انتعال الرجال والنساء للأحذية أوجد حرفة "رگاعة" الاحذية فكان في هيت أكثر من خمسة "رگاعين" منهم عليوي الركاع وحسين هراطه وحسن علاوي وشكري الكردي وعمر الركاع لهم محالهم وفيها مستلزمات "الرگاعة" والصبغ واعداد الفرش والمسامير. وتنافسوا في ما بينهم من هو أحسن إسكافي وأقدم وأتقن عملاً.. كقول أحدهم وهو مستكثر على منافسه:
"صاير رگاع ابن هراطه" ينشد بها وهو يضرب بمطرقته على حذاء يصلحه ثبت على السندان.