إيران الفخ والاستيعاب

الرياضة 2019/02/13
...

صالح الشيخ خلف
 

لم يكن يشعر باحراج وهو يحدثني عن الثورة الاسلامية في ايران حتى وان كان كلامه يتناقض مع الموقف الرسمي لبلاده . المناسبة كانت مرور 40 عاما على انتصار هذه الثورة. جلست مع دبلوماسي اوروبي لنتحدث في السياسة والاقليم واوروبا والاتفاق النووي دون ان ننسى الولايات المتحدة. السياسي عادة ما يرغب في التنظير وتفسير التاريخ ، بينما الصحافي يريد ان يعرف ماذا يدور في اذهان هؤلاء السياسيين . انهم يعلمون اشياء كثيرة لكن لا يبوحون بها بسهولة ، ربما من خلال الحديث معهم تستطيع ان تقرأ ما بين سطور حديثهم . وفي نهاية المطاف سيعرف الصحافي مالايعرفه في حين يعد هذا الصحافي صندوق الاسرار للدبلوماسيين والسياسيين.
قال، ان انتصار الثورة الايرانية في 11 فبراير شباط 1979 كان ضربة موجعة وجهت للمصالح الغربية في المنطقة، خصوصا ان العالم كانت تحكمه قواعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة التي كانت تتزعم حلف شمال الاطلسي الناتو، والاتحاد السوفياتي الذي كان يتزعم حلف وارسو . حدوث انقلاب بهذه السرعة في بلد كايران وبالصورة الدراماتيكية التي شهدتها ايران كانت هزة لم تستطع الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة من ادارتها . اعتقدت بانها تدير التطورات من خلال الاتصال بحلفائها في الداخل والخارج . في الاقليم وفي خارجه، لكن اتجاه الاحداث اثبت بانها لم تكن في صلب التطورات التي كان الشارع الايراني يرسم معالمها . ان اجهزة المخابرات الاميركية – يضيف محدثي الدبلوماسي الغربي – كانت تعتقد ان الامور تحت السيطرة وانها بدات بفتح قنوات الاتصال مع الثوريين القريبين من زعيم الثورة الامام الخميني . لكن تطور الاحداث اثبت ان هذه الاجهزة لم تكن تعرف حقيقة الافكار التي كانت تدور في رؤوس الثوريين الذين اتخذوا مبنى لمدرسة ابتدائية في منطقة فقيرة من طهران لتكون مكانا لمجلس قيادة الثورة .
اشكلت على محدثي الستيني الذي كان يعمل في شباط من العام 1979 موظفا في سفارة بلاده في احدى الدول الخليجية على المبالغة في تصوير غباء وتخلف الاجهزة الامنية الغربية والاميركية، لكنه اصر على صدق ما يقوله وما يحمله من معلومات تعود لاربعين عاما .
قال ان الولايات المتحدة منذ العام 1980 اي بعد اشهر من انتصار الثورة ولحد الان تحلم باسقاط الجمهورية التي اسسها الامام الخميني . لكنها لم تنجح . لم يختلف الديمقراطيون عن الجمهوريين في هذه النوايا. ربما حادث احتلال السفارة الاميركية في طهران اسهم في بلورة هذا التصور لكن الدول الغربية لم تكن تتوقع او تتصور ان تخرج ايران من المحور الاميركي . لقد فقدت الولايات المتحدة – والقول للدبلوماسي الاوروبي – احدى اهم ركائزها ليس في منطقة الشرق الاوسط فحسب وانما في خارج الولايات المتحدة ايضا. كنت مستعدا لابداء وجهة نظري في ماحدث منذ العام 1980 وكيف انعكس ذلك على الامن في المنطقة ، لكني رايته يعد الدعم الذي قدمته الدول الغربية بما فيها الاوروبية للحرب التي قادها نظام صدام ضد ايران وعلى مدى 8 اعوام « خطأ فادحا » لان هذه الحرب دعمت ايران واعادت صياغة اولوياتها، وفي المقابل، لم تستطع تقوية حلفائها في المنطقة كما انها لم تستطع التغطية على خسارتها بفقدانها لايران وابتعادها عن المحور الاميركي في المنطقة.
ختم محدثي القول: ان ما فاجأنا جميعا عناصر القيادة التي تمتع بها الامام الخميني ، كنا نستلم منه رسائل عبر خطاباته اليومية التي كان يلقيها لمناصريه ، وكنا مطمئنين على انه يحاورنا ، لكننا لم نكن على دراية كافية لتحليل هذه الرسائل . وفي النتيجة وقع الغرب في الفخ دون ان يستوعب ايران .