إيناس جبار
يبدو أن مصطلح «التباعد الاجتماعي» لم يكن صادقا في ما يخص حالات الزواج خلال العام الماضي، وطبقا لإحصائية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى لعام 2020، فإن هذه الحالات شهدت ارتفاعاً لافتاً، خلافاً لما كانت عليه خلال السنوات السابقة من العقد الأخير.
وأوردت الإحصائية أن «محاكم الأحوال الشخصية في العراق سجلت خلال العام الماضي ما يقارب (273) ألف حالة زواج»، لافتة إلى أن «حالات الطلاق المسجلة بلغت (49248) حالة طلاق خلال العام نفسه».
ويؤكد قاضي محكمة الأحوال الشخصية في الرمادي احمد خليل الحديثي أن «هنالك زيادة ملحوظة في حالات الزواج والطلاق، وطبيعيا إذا كانت زيادة في حالات الزواج فإنه ستسجل بالمقابل زيادة في حالات الطلاق».
وأضاف الحديثي أن «السنوات الأخيرة شهدت ارتفاع حالات الطلاق في ما يخص محاكم الأحوال الشخصية بالمحافظة»، وعزا هذا الى أسباب عدة «منها اجتماعية مثل الخلافات العائلية وتدخل أهالي الزوجين، إضافة الى الأسباب الاقتصادية التي تتلخص بعدم وجود فرص عمل للازواج يحصلون من خلاله على مردود مادي يؤمن حياة اسرهم وعدم توفر السكن. كما ان ارتفاع الأسعار اثر بشكل سلبي فيى الحياة الزوجية والمتطلبات اللازمة لاستمرارها سواء أكانت من ناحية القوت ام السكن ام الناحية الطبية ام الناحية المعيشية».
وتابع أن «انفتاح المجتمع العراقي على التكنولوجيا أدى إلى شيوع الاستخدام السيئ لها، فالابتزاز الالكتروني هو إحدى الصور التي شكلت نسبة من حالات الطلاق».
ولفت القاضي إلى ان «العام المنصرم كان فيه الإغلاق العام على اشده، وحظر التجوال الذي فرض في جميع المناطق في العراق في بداية انتشار الوباء الأشد صرامة في المحافظة، التي ظلت حتى وقت قريب تعتمد على إجراءات طوعية من قبل المواطنين في محاولتها الحد من انتشار فيروس كورونا، وليس جديداً القول إن تأثير انتشار الوباء طال العديد من العلاقات الأساسية في حياتنا. لكن تم الوصول إلى فهم أوضح للعوامل المتعددة التي تغذي الزيادة الواضحة في تفكك العلاقات، والأسباب التي تشير إلى أنها ستستمر خلال العام الحالي 2021».
ويصف القاضي الوباء بأنه «العاصفة المثالية للأزواج في ظل الإغلاق وحظر التجوال الشامل او الجزئي والتباعد الاجتماعي، ما يجعلهم يمضون أوقاتاً طويلة معاً. وكان هذا في كثير من الحالات دافعاً لاتخاذ قرار بالانفصال، رغم أن أسبابه قد تكون موجودة من قبل، وخاصة في الحالات التي كان فيها عدم التقاء الزوجين بسبب روتين العمل والمسؤوليات اليومية سبباً في التعتيم على المشكلة إلى حد ما». إضافة إلى إن «حظر التجوال أدى إلى الركود الاقتصادي وهنالك من يعيش بقوت يومه وهناك من الكسبة ممن يعملون في القطاع الخاص وليسوا بموظفين، حيث كانت هذه الشريحة هي المتضرر الأكبر من الحظر، الأمر الذي سبب ضغوطات كبيرة على تلك العائلات وادى إلى حالات تفكك عديدة لعدم قدرتهم على توفير متطلبات الحياة اليومية والمعيشية، وحصول الخلافات ادى الى ان يصبح الطرفان في حالة نفسية سيئة قرروا على اثرها الانفصال».
كما اشار القاضي إلى أن «من أكثر الحالات المنتشرة في محاكم العراق بشكل عام ومحاكم الأحوال الشخصية في الانبار بشكل خاص هو الزواج المبكر فهو أيضا يؤدي إلى الطلاق في الكثير من الاحيان لعدة أسباب، منها عدم وعي ومعرفة القاصر للحياة الزوجية فهي بفعل خبرتها القليلة وغير قادرة على مواجهة ظروف الحياة وغير قادرة على احتواء المشكلة، وكذلك مشكلة السكن المشترك مع أهل الزوج، ما يؤدي إلى تدخل الأهل في حياة الزوجين بشكل سلبي وينتهي إلى الطلاق في بعض الأحيان، وكذلك قلة وعي وخبرة الزوجين في معالجة أي مشكلة بسيطة تواجههم في بداية حياتهم وفي إدارة أي أزمة او خلاف بسيط، اذ ليست لهم القدرة على إدارة اي خلاف أو التخفيف منه، وبالتالي الوصول للحل النهائي له فتراهم لا يجدون حلاً سوى الانفصال والطلاق».
من جانبها، تحدد المحامية غفران الطائي «أسبابا اجتماعية وراء تسجيل ارتفاع حالات الزواج واختلافه عن الأعوام السابقة والزيادة الملحوظة في عقود الزواج»، لافتة إلى ان «تعطل الحياة في كامل مفاصلها في اغلب أوقات العام السابق بسبب جائحة كورونا أدى إلى تعطيل عقود الزواج بسبب الحظر ما أدى إلى تراكم العقود وارتفاع أعدادها أثناء أيام الدوام».
وترى الطائي ان «انخفاض حالات الطلاق يعود بالسبب أيضا إلى الجائحة والحظر، ما أعطى وقتا أكثر لإعادة التفكير بقرار الانفصال وأيضا لعدم وجود أيام دوام كاملة والتي ربما كانت ضارة نافعة، بحسب قولها».