حسين محمد هادي الصدر.. منبر تنويري نهضوي

منصة 2021/06/07
...

 محسن حسن الموسوي 
 
يحتاج المجتمع المتوازن إلى التعريف برموزه وأعلامه الذين يُسهمون في بناء الإنسان والمجتمع، ويضيفون له نقاط قوّة، ليكون هؤلاء الرموز والشخصيات قدوة للأجيال الحاضرة والآتية، ولكي لا يصيب المجتمع التكسّر والانهيار النفسي حينما لا يجد بين يديه رموزاً، وفي مختلف الاختصاصات، ويحسب أنَّ مجتمعه خالٍ من القدوات.
وظاهرة التكريم والتعريف بالرموز الوطنيَّة ، وفي اختصاصات متنوعة، ظاهرة صحيّة، تستخدمها الدول التي تحترم أفرادها خصوصيات بلدانها.
ويفتقر العراق إلى هذه الظاهرة، إلاّ نادراً، حتى يُخيّل للأجيال الجديدة أنَّ العراق ليس فيه من الكفاءات الموازية لتاريخه العريق، وهذه المسؤولية تقع على عاتق المؤسسات الإعلاميَّة في البلد.
والعراق، بلدٌ زاخرٌ بالعبقريات والمواهب والشخصيات الفذّة والنادرة في اختصاصاتها، في العلوم والآداب والفنون والسياسة والرياضة وغيرها، ولكنَّ الإهمال الذي تتعرض له تلك الشخصيات المتميّزة والنادرة لدواعٍ متنوعة، يفقد الوطن من ثروة وجانب عظيم من وجهه وتاريخه
وعنفوانه.
ولا يقع الملام على الجيل الجديد حينما يجهل أعلام العراق الحديث، إنما يقع الملام على المؤسسات الثقافية والإعلامية بشكل فاضح وخطير، وهذا ما يجب أنْ يتلافاه القائمون على تلك المؤسسات الثقافية والإعلاميَّة.
ويأتي كتاب «حسين محمد هادي الصدر.. منبر تنويري نهضوي)، للدكتور أحمد عبد المجيد، وهو من الصحفيين الرواد، وله العديد من المؤلفات عن تاريخ العراق الحديث، فيكتب عن سماحة السيد محمد هادي الصدر، ليس تعريفاً بالسيد الصدر، ولكن حبّاً وتقديراً واحتراماً، لهذه الشخصية المكتنزة بالثراء المعرفي، والعريقة في نسبها الطاهر، والدؤوبة في نشاطها الثقافي والتنويري، منذ أنْ كان في المعارضة في خارج العراق، وحيث حلّ في وطنه العراق، فهو متواصل النشاط الثقافي والتنويري، ويكفيه فخراً أنَّه صاحب أكبر موسوعة تنويريَّة (موسوعة العراق الجديد) والذي صدر منها للآن (66) جزءاً.
وللسيد الصدر، مجلسه الثقاقي الشهري، حيث يجتمع فيه أعلام الفكر والثقافة والسياسة والفنون، وتطرح فيه أدّق وأعمق القضايا الفكريَّة والثقافية والأدبيَّة والسياسيَّة.
والدكتور أحمد عبد المجيد يتحدث في كتابه هذا عن مزايا السيد الصدر، ومميزات كتاباته، فيقول: (تعرفتُ إلى سماحة السيد حسين هادي الصدر بشكل مباشر مطلع العام 2004.. وكنتُ قبل ذلك قد تابعتُ حركته كمعارض في لندن عبر جريدته (المنبر) التي صدرت عام 1995.. وبمجرد أنْ اطلعت على أداء السيد الصدر وبحثت في خطابه الإعلامي وجدته شخصيَّة تتمتع بكاريزما، وتحمل مشروعاً وتجتهد لتأسيس حلم وطني). 
ويتحدث الدكتور أحمد عبد المجيد عن اللغة الصحفيَّة للسيد الصدر، وعن شخصيته العامة، فيقول: (امتلك لغته الصحفية الخاصة وأسلوبه في المعالجة والتفسير والتحليل مستلهماً إرث الماضي ومآثر السلف الصالح، مدركاً أنَّ الكتابة ليست حبراً على ورق، بل مسؤولية شرعية ووطنية... وكنتُ أحد المحظوظين الذين ارتبطوا بوشائج الاحترام والتقدير إليه، ووفقت في كسب قلمه إلى جريدة (الزمان)، فظل سنوات طويلة أحد أبرز أقلامها وأشهرها... كما ظل سماحة السيد رمزاً - بالنسبة لي - للوفاء المقرون بالصبر والتفاني وسعة الصدر والإخلاص والكبرياء الجليل).
ويكتب عبد المجيد عن صفات وجدها في شخصية السيد الصدر: (وفضلاً عن الشجاعة والوفاء، فإن الصدر يتصف بالزهد ونكران الذات، وظل مخلصاً لقناعته وإيمانه بالقيم السماوية والروحية، فلم أكتشف في مضمون كتاباته، وهي تغطي مجلدات، أيّ نزوع نحو المصلحة الذاتية أو البحث عن منصب أو تكسب أو مطمع).
ويدعو الدكتور أحمد عبد المجيد إلى دراسة شخصية ونتاجات السيد الصدر، من خلال دراسات أكاديمية وإنشاء جائزة سنوية باسمه.
لقد كان كتاب الدكتور أحمد عبد المجيد، إضافة نوعية للكتابة عن أحد أعلام العراق الحديث، بأسلوبه الجميل، المطرز بالمحبة والتقدير للباحث حسين هادي الصدر.
وقبل أنْ أضع القلم، لا بدّ أن أشكر الدكتور أحمد عبد المجيد على بقعة الضوء التي عطّر بها صفحات كتابه الأنيق والجميل، وتلك مأثرة تُشكر للصحافة العراقية.