نجم الشيخ داغر
وأنا في الطريق الى البيت عائدا من العمل محشورا في العلبة الساخنة التي تدعى (كيا)، تصفحت الفيسبوك علني اجد ما ينسيني زنزانتي الاختيارية المؤقتة، واذا بأخبار لا تقل سخونة عن اخواتها الامنية تطالعني، مفادها وبحسب متنبئ جوي بأن الأسبوع المقبل سيشهد ارتفاعا حادا بدرجات الحرارة ستبلغ الخمسين بالتمام والكمال ومن دون حسد.
نزلت مسرعا بعد ان وصلت الى محطتي الاخيرة، ومتوجها الى المتنزه الضئيل الذي يفصل ما بين الشارع العام وبين المنازل الطابوقية الساخنة، والذي لا بد من قطعه والولوج الى احد الافرع ومن ثم الوصول الى البيت، فوجئت عند المرور به بنسيم بارد يظلل الممر الذي يقطعه (المتنزه) الى نصفين، حتى اني تمنيت ان يمتد حتى يوصلني الى
منزلي.
شعرت بالغرابة ان كل هذا النسيم المنعش من عدة شجيرات ضئيلات تقاوم الاهمال والتصحر بكل ضراوة، فقلت في سري، ما بالك لو اتسع هذا المتنزه واحتضن منازلنا والمنطقة كافة؟.
المحبط ان الجميع يشكو من ارتفاع درجات الحرارة ، وكذلك من ازمة مستعصية اسمها عدم توفر الكهرباء بشكل كاف، ولكن يبدو ان لا أحد يفكر بايجاد حلول اخرى للتقليل من حر جهنم المحيطة بنا، ولا احد سعى لانشاء وزراعة حزام اخضر حول العاصمة بغداد، بل محافظاتنا ومدننا جميعا، للمساعدة على اقل تقدير لتلطيف الاجواء وتخفيض درجات الحرارة؟.
هل يمكن هذا؟ نعم يمكن، ففي دراسة اولية منسوبة للجامعة التكنولوجية/ قسم هندسة العمارة، اطلعت عليها، فإنه يمكن زراعة 320,000 ألف شجرة في شوارع مدينة بغداد من شجرة الألبيزيا بمسافة 5 أمتار بين شجرة وأخرى، وهذه كفيلة باحداث تظليل وتبريد تبخيري يعادل نحو 45 مليون طن تبريد، الامر الذي سيعمل على تقليل الطاقة الكهربائية المصروفة على تكييف
المباني.
والشجرة المذكورة للذي لا يعرف شيئا عنها، تمتاز بتحمل الجفاف والافات، كما انها دائمة الخضرة كثيفة الظلال حسنة المظهر، لا يتجمع الغبار على أوراقها . ويمكن ايضا ان تعمم هذه التجربة في حال تنفيذها على جميع الدور السكنية، عبر تجهيز الأسر بها عن طريق وزارة الزراعة، وبالتالي نكون قد عالجنا بيئتنا المتجهة الى الاحتراق، او نكون على الاقل تعاملنا مع وطننا بمنطق الحب والعشق الاخضر وزيناه بما يعود بنظارته وجماله ورائحته الزهرية
الزكية.