التموينية.. نقداً

اقتصادية 2021/06/12
...

ثامر الهيمص
ليس من الإنصاف أن يعزى صداع البطاقة التموينية، الى وزارة التجارة، كونها ليست صاحبة قرار في ما يتعلق بالتخصصيات المالية، لذلك تأتي الاجراءات التي ستنفذ بدءا من هذا الشهر، بحجب التموينية عن شرائح ليست قليلة في سياق عمل التجارة كوزارة تنفيذية. 
وهذا لا يعني اعفاء وزارة التجارة، وهي تتحمل عبء ثمانية عشر عاما تراوح بل تتراجع، لتحصرها باربع فقرات غير دقيقة التوزيع كتوقيت او نوعية، ولذلك تأتي الاجراءات الجديدة في اداء مماثل من لوجستيات الوزارة تكتنفه بعض المخاطرة.
من المؤمل في هذه الاجراءات، حجب البطاقة المبنية على المساواة المجحفة بين من هم تحت خط الفقر ومن هم لا تشكل الفقرات الاربعة واحد بالمليون من مداخيلهم، اذ ينبغي الآن أن تكون البطاقة التموينية اداة فاعلة في نشر العدالة للمساهمة في ردم الفجوة الطبقية المتوسعة في ظل النيو ليبرالية الجديدة، كما انها، في حالة اكتمال عناصرها حسبما سبق، وسيلة اساسية لتعويضات البطالة لمواجهة الفقر المدقع والمطلق، وتحتوي على برنامج الرعاية الاجتماعية بتغطية احتياجاتها الاساسية، وتغطية احتياجات الأسر المتعففة، والأخرى التي في جداول الانتظار في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
لعل من مقتضيات العدالة أن يؤخد بنظر الاعتبار نسب الفقر بين المحافظات التي تتفاوت في نسب البطالة والفقر بنسب تتراوح بين 15 و50 بالمئة، والان نتساءل هل إن ادارة شؤون البطاقة التموينية، بتخصيصاتها المالية، تسبب لوزارة التجارة في ادائها ما شاب غيرها من الوزارات؟
لذلك يأتي الدفع النقدي التعويضي للأسر بعد اضافة الكلف التشغيلية لكلفة الفقرات الاربع، او الثلاث حيث الطحين يذهب غالبا للافران، لذلك سيكون تعويضها نقدا ليس ذا اثر رئيس للتضخم النقدي، لاسيما ان الباقيات الثلاث اغلبها منتج وطني، ولا تمر بقناة الدولار، فعندما يتضاعف التعويض لكل أسر في هذة الحالة، فإنه يغطي مستحقات الأسر الفقيرة، على الاقل اجرة المولدة او تحسن مستوى الغذاء الضروري.  فذريعة التضخم لا تصبح ذات قيمة امام هذا الانجاز، ووزارة التجارة اعلم منا بذلك وكذلك وزارة المالية، اذ سيتدفق المال للشريحة المستهدفة مباشرة من المصارف بواسطة بطاقة كأي استحقاق لفقراء يتزايدون يوميا في ظل هذه الظروف. هنا يأتي دور الوكيل في تحديث المعلومات بالوفيات والولادات ومتابعتها، ليصبح كمختار لمنطقته كونه عايشهم لثلث قرن مضى، وعلى اتصال دائم معهم. اما دور وزارة التجارة فهو مواصلة البحث والاشراف بحيث تسهم في تحديث المعلومات ومتابعة المخالفات مع وزارة الصحة الكترونيا لتوعز للمصارف بالمستجدات، آخذة بنظر الاعتبار التفاوتات الطبقية والمناطقية وردم فجوتها انطلاقا من برنامجها
الحالي.
نأمل ان تكون البطاقة التموينية اداة حقيقية للحد من الفقر، لنخرج من دائرة الوعود والمزايدات ولتصبح حجر الزاوية لرفع مستوى الشرائح التي تقع ضمن المدقع والمطلق من الفقر كهدف وطني، لا يمكن تحييده او تجميده.