في معرض الكتاب هذا العام أشياء لافتة رسمية وشعبية. رئيس الجمهورية برهم صالح يفتتح المعرض ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتجول فيه ويقتني كتابا كأي قارئ يريد أن يتزود بحاجته من المعرفة.
زعماء سياسيون يتزاحمون مع المواطنين في التجوال داخل المعرض. رجال دين كبار من بينهم السيد طالب الرفاعي الذي يحمل على كاهله 90 سنة رأيته يتجول في المعرض و"يتمازح" مع المثقفين.
عدد كبير من الأصدقاء المؤلفين وقعوا كتبهم في احتفاليات جميلة بالمعرض. حضرت بعضها ولم أتمكن من حضور البعض الآخر بسبب تزاحم الالتزامات.حضرت احتفالية توقيع رواية الكاتب والسياسي الكردي النائب السابق والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية سردار عبد الله "آتيلا آخر
العشاق".
لم أكذب خبرا فلقد "بلشت"بقراءتها بمجرد أن وقعها لي. عبر سردار كسبنا كاتبا مبدعا لن يقال عنه كاتب سابق في حين يحمل السياسي لقب السياسي السابق مهما طال به العمر والعمل والمسؤوليات.
حضرت أيضا حفل توقيع كتاب الصديق عبد الحميد الصائح "الإعلام وتشكيل الرأي العام" بينما لم أتمكن من حضور حفل توقيع كتابي الصديقين علاء الحطاب وسالم موسى. أعتذر منهما بشدة.
كل شيء ممكن أن ينطبق عليه مفهوم الاستهلاك الإ القراءة. أقول هذا الكلام انطلاقا من كثرة المولات والأسواق التي جعلتنا شعبا من موظفين ومتقاعدين "حلوكنا" مفتوحة على الدكتور ثامر الغضبان الذي يبيع لنا النفط ويوزع دخله علينا نهاية كل شهر للموظفين وبداية كل شهرين للمتقاعدين ومثلهم جماعة شبكة الحماية الاجتماعية.
حين تدخل أي مول من مولات العاصمة بدءا من مول المنصور الى مول بغداد مرورا بالواحة والنخيل وبابلون وربما عشرات غيرها ممن لم أدخل أو أعرف لن تجد على مد البصر سوى "العلاليق" المملوء بـ "المساويق" من كل شيء ومن كل الأصناف والمناشئ. الظاهرة ليست بغدادية فقط بل تشمل الجميع.
في مدينة السليمانية حيث كنت قبل إسبوعين لم أر في مولات المدينة سوى "العلاليق". والظاهرة ليست عراقية أيضا. ففي الصيف الماضي حيث كنت في دبي لم ألاحظ في المولات سوى "العلاليق". لكن الفرق بيننا وبين دبي يكمن في الإنتاج وطريقة توزيع الموارد وقبلها كيفية صنع الموارد.
في دبي بدأوا يقللون من الاعتماد على عصر النفط. السياحة موردهم الأهم. المتسوقون هم أنفسهم من يدفعون بوصفهم العرب والأجانب المقيمون هناك. في العراق الأمر مختلف بل معكوس.
أعود فأكرر كل شيء ينطبق عليه مفهوم الاستهلاك الإ القراءة. في معرض الكتاب هذا العام ساد نمط استهلاكي لكنه منتج لأنه من نمط الإنتاج المعرفي.
عند دخولي الى المعرض مرتين لفت نظري منظر "العلاليق" التي يحملها الناس وهم خارجون من المعرض. أكاد أقول إنها ظاهرة ملفتة ليس بالقياس الى المقولة المشهورة "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ" بل قياسا الى المعارض السابقة.
كل شيء صار عندنا استثنائيا. احتفالات أعياد الميلاد هذا العام وعيد الحب هذا العام ومعرض الكتاب هذا العام و .. المطر والكمأ هذا العام.