باسم عبد الحميد حمودي
السلام على التراث وأهل التراث ومن أحب التراث الشعبي العراقي وتفهم مراميه وأهدافه، تملؤني الغبطة والسعادة وأنا أرصد على مسافة هذه النخبة الخيرة من أعلام الثقافة العراقية ورواد الفولكلور العراقي وهم يعقدون مؤتمرهم الأول هذا في جو علمي يليق بالتراث الشعبي العراقي الذي كان رواده الأوائل من الباحثين قد أدركوا مبكراً ومنذ العقد الأول من القرن العشرين أهمية هذا العلم وكتبوا فيه باحثين ودارسين ومناقشين ومستكشفين لزواياه الثرة المتعددة.
كان جهد الأساتذة الكرملي والبلاغي وكاظم الدجيلي ومحمد رضا الشبيبي ويوسف غنيمة ومصطفى جواد وسواهم في مجلة لغة العرب جهداً أساسياً لبناء اللبنات الأولى من البحث الفولكلوري والبحوث الميدانية في هذا العلم.
كان التراث الشعبي علماً راسخ الأركان متعدد المناهج، وقد جاءت تجارب الأساتذة لطفي الخوري وإبراهيم الداقوقي وعبد الحميد العلوجي ومحمود العبطة وأكرم فاضل ومن شاركهم من رجال التراث الشعبي بعد تجربة لغة العرب لتكون للمجلة الجديدة هويتها الفريدة في تيار الثقافة العراقية وما زالت، وقد قام لطفي الخوري ومساعدوه بعقد المؤتمر الأول للفولكلور في الثمانينيات وتبعناه بعقد ندوة بغداد للتراث الشعبي في عدة سنوات إضافة للعمل في المجلة الرائدة التي نحب.
إقامة جمعية التراث الشعبي العراقية الوليدة بعقد مؤتمرها الاول ضمن مقولة: التراث الشعبي العراقي في عالم متغير، يشي بالدرجة الأولى الى مواجهة البحث الفولكلوري العراقي بتجارب بحثية جديدة تدرك نظريات الفولكلور العالمية الجديدة، وسط مواجهة العالم شعبياً واقتصادياً واجتماعياً ظروف عمل جديدة في الحركة والبحث والتقصي والوصول الى المعلومة الاجتماعية والإدراكيَّة بطرق أدق ووسائل أحدث.
مضى زمن الرحيل على الراحلة للحصول على معلومة في السلوك البشري، وبدلاً من استخدام الكاميرا السوداء الثابتة وتجاوز البحث التصويري بالفيديو الى التحولات الرقميَّة وصولاً الى الطائرات الصغيرة المسيطر عليها أرضياً والتي تحمل كاميراتها وتدور حسب توجهات الباحث.
إنَّ ذلك لا يمنع الباحث من إدراك الوسائل التي تقربه للعينة الإنسانيَّة موضع البحث فلا شيء أهم من اكتشاف حقائق البحث مباشرة، لكنَّ أدوار التحليل ومقارنة النتائج والوصول الى تأكيد (معلومة) وكشط أخرى تجاوزها البحث هو المهم في عالمنا المتغير المتسع الحافل بالمتغيرات الاجتماعيَّة والبنائيَّة.