أسئلة المنتج الوطني

اقتصادية 2021/06/26
...

ثامر الهيمص
لم يعد المنتج الوطني، مجرد زيادة كمية او نوعية في الانتاج، بل بات تحديا مصيريا في عوالمنا الستراتيجية ليصبح منتجنا مسألة كرامة وطنية.
فعندما تعلن العتبة الحسينية أن 80 بالمئة من الموازنة يهدر في الاستيراد، وتحذر من عواقب اهمال الصناعة المحلية، يواكبها، كما كشف اتحاد الصناعات العراقية، عن وجود 54 الف مشروع مسجل في الاتحاد، مع 21 الف مشروع لدى مديرية التنمية الصناعية، (90) بالمئة منها متوقف بسبب عدم القدرة على المنافسة، والافتقار لبيئة أعمال آمنة.
إنَّ القدرة على المنافسة يشوبها عدم مطابقة المستورد للمواصفة العراقية، ما سهل التدفق السلعي بإغراقه في سياسة التسعير، ولذلك كانت المواصفة العراقية شماعة، في احيان كثيرة، للحيلولة دون تأهيل المنتج العراقي للتنافس على ذائقة المجتمع، في جدول الخيارات، الى جانب تساؤل مهم يطرح وهو، لماذا تكون البيئة امنة للمستورد ولا تكون كذلك للمنتج الوطني؟.
دخول العتبة الحسينية في هذه الحالة على الخط يعد فاتحة خير للمنتج الوطني، وتحديا حقيقيا متكاملا من جميع أوجهه، امام استيراد متغول له وكلاؤه الذين ارتبطت مصالحهم بتحجيم المنتج الوطني، بحيث حصروه في اقل من 20 بالمئة، لتأتي العتبة واضعة حدا لحسم موضوع البيئة الامنة لصالح القطاع الخاص اجمالا.
القطاع العام يعاني ذات الازمة، اذ تحجم دوائر كثيرة عن شراء المنتج الوطني بالعملة المحلية، وتشعر هذه الدوائر انها غير ملزمة بشرائه، لاسباب متفرقة، كالشراء من الشركة العامة للزيوت النباتية او شراء منتجات معامل النسيج في الكوت، وهكذا.
حالت هذه الممارسات البيروقراطية الخاطئة دون تفتّح القطاع المختلط ثانية، ودمرت سوق انتاجه، رغم ان حصة الدولة في اغلب مشاريعه اكثر من 51 بالمئة، اذ ان الوزارات ذات العلاقة وصاحبة حصة الاسد، ما زالت تتفرج على انقاض معاملها المتآكلة لتتحول الى سكراب او مخازن للمستورد.
ولعل السبب الاساس هو ان الشركاء في القطاع المختلط من القطاع الخاص لهم بذمة الدولة ديون كبيرة كفيلة بإعادة الانتاج وهذا تقصير من الشريك الاكبر.
وهنا ندعو الجامعات الرئيسة بوضع بحوثها تحت التطبيق العملي، بما يتلاءم مع الواقع غير الاعتيادي للمسار الاقتصادي، لا كما ترسمه شريحة الاستيراد الممنهج لمواجهة المنتج الوطني وليس لاشباع حاجات ضرورية في الغذاء والدواء. 
هنا تأتي العتبة الحسينية كقاطرة للقطاع الخاص لتفتح الطريق واسعا امام مساهمته في دفع عجلة المنتج الوطني، لتصبح كاسحة ألغام للاقتصاد الوطني رغم انها غير محسوبة على اي من القطاعات (العام والخاص والمختلط)، وتصبح قدوة لجميع المؤسسات التي من الممكن أن تمول نفسها ليعود منتجنا الوطني مزدهرا متكاملا مع كل من الزراعة والصناعة.