الكاظمي و{استعادة الثقة»

آراء 2021/06/28
...

 حمزة مصطفى
 
العراق دولة محورية في المنطقة، هذا ليس مجرد توصيف سياسي عابر أو أمنية بل هو متلازمة جغرافية ـ تاريخية معا، ولعبت هذه المتلازمة دورها الإيجابي والسلبي في كل مراحل التاريخ العراقي حتى نشوء الدولة الوطنية أوائل عشرينيات القرن الماضي، وبصرف النظر عن نوع وطبيعة الأنظمة والعهود التي حكمت العراق طوال المئة عام الماضية وحتى اليوم, فإن العراق لم يكن يوما بلدا هامشيا في المعادلات السياسية والتحولات الكبرى التي شهدها العالم والمنطقة معاً.
ولأن الحيز لا يتسع لمزيد من الشرح والتوضيح بشأن طبيعة العلاقة بين قدر العراقي التاريخي والجغرافي فإن مرحلة ما بعد عام 2003 شكلت نقطة فاصلة بين مستويين من مستويات بناء الدولة والتعامل مع العراق من قبل الآخرين، بدءاً من دول الجوار من منظور يشوبه الكثير من عدم الثقة، ولهذا أسبابه ودوافعه التي لا يتسع لها الحيز، لكن لأغراض التوضيح سوف أستعير عبارة واحدة من مفردتين، وردت في مقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «ضرورة تاريخية كلمة سرها: «استعادة الثقة» وهي «استعادة الثقة». 
أن أية رؤية فاحصة لمشهد ما بعد عام 2003 بصرف النظر عن أية خلفيات تتعلق بكيفية سقوط بغداد واحتلالها من قبل الولايات المتحدة الأميركية ومحاولة بناء دولة جديدة أو نظام سياسي جديد, فإن أبرز ما يواجهنا وقد واجهنا بالفعل على مدى الأعوام الثمانية عشر الماضية هي الثقة المفقودة بيننا وبين الآخرين، بدءاً من دول الجوار، والأسباب مختلفة وكذلك التبريرات, لكن النتيجة ان العلاقة بقيت ملتبسة ومشتبكة، بل ومعقدة بين العراق وكل جيرانه بصرف النظر عن طبيعة المنظور التي تنطلق منها العلاقة سواء في بعدها الدبلوماسي أو السياسي أو مستويات أخرى 
متداخلة. 
وحين نحاول بحث الأسباب أو الدوافع فإن الثقة المفقودة هي السبب، للإنصاف حاولت الحكومات السابقة العمل باتجاه خلق علاقات متوازنة مع الجميع تحت قاعدة المصالح المشتركة، وبما أن عبارة المصالح المشتركة عائمة وحمالة أوجه فإن البقاء في دائرة ما هو هامشي من دون البحث عن العامل الأساس في عدم الوصول الى مقاربة لتقريب وجهات النظر بقيت العلاقات شائكة وملتبسة، لماذا؟، لأن الثقة مفقودة، لذلك فإن ما يحسب للرئيس مصطفى الكاظمي  تحقيقه هو إنه عرف «الباسوورد» أو كلمة السر أو «الكود» الحقيقي لإمكانية بناء علاقات متوازنة مع دول المحيط الجغرافي عربيا وإقليميا وهي «الثقة» التي هي الآن في مرحلة الاستعادة.