الشاعر واقنعة البحث عن المعنى

ثقافة 2021/07/07
...

  مآب عامر
 
(إلى جاموسة/ تتلهف بشوق الأنثى أن يعود «زلمتها» الهور)، بهذا الإهداء دخل الشاعر يوسف المحمّداوي إلى مجموعته الشعرية (قناع قابيل)، والصادرة حديثاً عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.  
 بدأ الكتاب بمقالة تقديمية للشاعر والناقد الدكتور حمد محمود الدوخي،  يقول في بعض منها: (هذه مجموعة شعرية تضع المتلقي وسط شبكة من العلاقات المنتجة للتأويل بوضعٍ لا يسمح لهذا المتلقي أن يفلت من سياسة المفارقة، لعلم (المحمّداوي) بأن (الشعر كله مفارقة)، ويمكن أن نرى هذه السياسة في المسافة التأويلية بين عنوان قصيدته (كسلَّمٍ مترهِّلٍ طلَّقته السطوح) وبين توجيهها/ إهدائها (إلى صاحب أول بنطلون في ناحية المشرَّح الدكتور مالك المطَّلبي)؛ لأن المفارقة هنا غير قائمة على المفاجأة المباشرة، إنما على استشعار ذلك من الجو العام للقصيدة، والكشف النقدي عن ذلك عصيٌّ على مجال المقدمة، مما يعني أننا نوجِّه - لثقتنا المطلقة- دعوة للمتلقي إلى هذا الجو).
ويختم الدوخي مقالته بالقول: يوسف المحمّداوي شاعر دائم المعنى لأنه منشغل بنفسه، وما هذه المقدمة إلا دعوة للمتلقي للقراءة الفاحصة لهذه المجموعة ليتأكد هذا المتلقي أن (يوسف المحمّداوي شاعر دائم المعنى لأنه منشغل بنفسه).
وتضمن الإصدار أكثر من (12) قصيدة شعرية، من عناوينها: (كسلم متّرهل طلّقته السطوح، عكاز الإفلاس، ساحة التحرير، هزيمة آدم، ما كل حكايات الأنهر تفهمها الضفاف، ناي مبحوح، صائمون عن الفرح). 
(قناع قابيل) المجموعة الشعرية الواقعة في (87) صفحة من القطع المتوسط، تناول المحمِّداوي في قصائدها الوطن والأمل في التغيير، وما مر على البلاد من تحديات وتضحيات، وكذلك الحزن المقدس للشاعر الذي فازت قصيدته (عكاز الإفلاس) بجائزة مهرجان المربد.
ففي قصيدة مهداة إلى الناقد صادق ناصر الصكر بعنوان «تفاؤل مؤجل» يقول الشاعر في بعض منها: (ملأت فواجعنا شوارعنا/ وما صرخنا مع الرصيف على الخطأ/ ماذا سيعطيك النبي؟ / يا هدهد البلوى كفاك تملقا/ بلقيس تعشقها سبأ/ والسجن خاتمة النبأ/ قلها وإن كانت على الأكواخ/ سارية لموت ما انطفأ/ رغم الحناجر طلّقت اصواتها/ ورحى المقابر هجّرت أمواتها/ فالصمت في «ميشا» يقيناً لن يطول/ حتى وإن لبس النهار السومري/ مرغماً هذا السواد).
وكتب المحمداوي في واحدة من قصائد المجموعة التي بعنوان «ما تبقى من أنفاس المشنوق» يقول في بعضها: (تعالي نتحاور بالعويل/ نعطي للحزن حصته من الفرح/ نهب للفرج ما نملك من متاع الصبر/ نرسم للجرح خارطة بحجم المسروق/ نكتب على سبورة خيباتنا/ ما تبقى من أنفاس المشنوق/ تعالي نجلد ظهورنا بسياط الضمير المسافر/ عسى ولعل.. تلد العاقر/ يصرخ وليدها بقسوة (داعش) عند السوق/ الله أكبر.. لتحلّق الإبل/ وترقص الخيام على إيقاع انين النازحين/ الله أكبر على وطن بلا حدود/ على دم بلا وريد/ على موصل بلا يونس/ على نينوى بلا آشوريين/ على حضارة
بلا رصيد..).