غسان مرزة
حرص المشرع العراقي على سن قوانين تنظم عملية الإرث، الذي يمثل أحد فروع الفقه في الإسلام ويعنى بتوزيع الميراث بعد وفاة الموروث بين الورثة المستحقين له ليبطل بذلك ما كان يفعله بعض العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار.
ويستند توزيع الميراث في الدول الإسلامية الى نصوص القرآن الكريم، وقد ختمت الآيات التي تتحدث عن الميراث بقوله تعالى (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم) (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مبين)، لذا يعد فقهاء المسلمين أن أي محاولة لتغيير نظام الميراث في الإسلام، هو تعدٍ على الشريعة ومعصية الله والرسول.
ويقول القاضي ظافر مهدي محمد، قاضي أول دار القضاء في الشعب إن “الميراث هو ما يتركه الميت لورثته، أما في اللغة فهو حق قابل للتجزئة يثبت لمستحق بعد من كان له ذلك الحق لصلة بينهما ويسمى علم الميراث أو علم الفرائض أما شروطه فهي ثلاثة، وهي إما بموت المورث حقيقة أو حكماً، أو تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، أو العلم بجهة الارث، أما أركان الميراث فهي ثلاثة أيضاً الأول المورث وهو (المتوفى)، والثاني الوارث وهو (الحي) الـــذي يستحق الميراث، والثالـــث هو الارث (مال المتوفى) الذي يأخذه الوارث.
وأشار محمد الى أن «المستحقين للتركة هم الوارثون بالقرابة والنكاح الصحيح، والمقر له بالنسب، والموصى له بجميع المال»، لافتا إلى أن «نصوص قانون الاحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 استمدت أحكامها من الشريعة الاسلامية، وقد تم تعديل أحكام الميراث بموجب (قانون التعديل الأول لقانون الأحوال الشخصية) رقــم 11 لسنة 1963 حيث أضيف الباب التاسع الى القانــون (أحكام الميراث ) وبالمواد ( 86 و87 و88 و89 و90 و91 ) والتي نظمت أركان وشروط الميراث والحصص المتعلقة بالتركة والمستحقين للتركة والوارثين بالقرابة وكيفية توريثهم واستحقاق الزوج والزوجة والبنت أو البنات للإرث».
وأوضح محمد أن «لكل واحد من الابوين (الام والاب) السدس مـــع وجــــود الفـرع الـــــوارث للمتوفى (الابن) ، أما في حالة عدم وجود فرع وارث للمتوفى فلأمه الثلث والباقي للأب، أما ان كان للمتوفى أم وأخوة فلأمه السدس، يستحق الزوج مع وجود الفرع الوارث لزوجته عند وفاتها الربع ويستحق النصف عند عدم وجوده».
ولفت القاضي إلى أن «الوصية الواجبة تتمثل بموت الولد ذكراً كان أم انثى قبل وفاة أبيه أو امه، فإنه يعد بحكم الحي عند وفاة اي منهما وينتقل استحقاقه من الارث الى اولاده ذكوراً كانوا أم اناثاً حسب الاحكام الشرعية، وعلى ألا تتجاوز ثلث التركة. وقد نصت على ذلك المادة الرابعة والسبعون من قانون الاحوال الشخصية وقد أضيفت المادة اعلاه بموجب القانون رقم 72 لسنة 1979 (التعديل الثالث لقانون الأحوال الشخصية) والغاية من تشريع النص المذكور هو انصاف الاحفاد الذين حرموا من تركة جدهم او جدتهم بسبب وفاة والدهم أو والدتهم قبل اي من جديهما. وجاء تشريع المادة اعــلاه منســجماً مع قاعدة ( العطاء خير من المنع)».
وأكد القاضي أن من شـروط الميــراث «تحقق وفاة المـورث حقيقة أو حكماً وحيث ان المفقود لا تعرف حياته
من مماته، وبالتالي فإن اموال المفقود لا تقسم على ورثته حين فقده فقد يظهر حياً بل توقف الأموال حتى يتبين
حاله وقد اعتبرت المادة (95) من قانون رعاية القاصرين يوم صدور الحكم بموت المفقود تاريخاً لوفاته. وبناءً
عليه تقسم تركة المفقود المحكوم بوفاته على ورثته الموجودين وقت الحكم بموته».
وأتم حديثه قائلاً ان «المفقود كما عرفته المادة (86) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 هو الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته أو مماته، وحكم المفقود أو مركزه الشرعي في الفقه الإسلامي بوجه عام انه يعد حياً في حق نفسه ميتاً في حق غيره اي انه في حكم الاحياء بالنسبة للأحكام التي تنفعه وفي حكم الاموات بالنسبة للأحكام التي تنفعه، وبالتالي لا يستحق شيئاً من الميراث لان حياة الوارث ركن من أركان الميراث الثلاثة التي حددتها المادة السادسة والثمانون من قانون الأحوال الشخصية، لأنها تتوقف على ثبوت حياته وانما يوقف له نصيبه في الميراث أو الوصية أو الوقف الى حين ظهور حياته أو الحكم بوفاته. فان ظهر حيا استحق الارث وان حكم بوفاته يؤول عندئذ ما يستحقه إلى ورثته الموجودين».
وأضاف محمد المادة ان «(93) من قانون رعاية القاصرين حددت حالات الحكم بوفاة المفقود في الفقرة ثانياً من المادة اعلاه تطلبت مرور اربع سنوات على اعلان فقده والفقرة ثالثاً تطلبت مرور سنتين اذا فقد في ظروف يغلب معها هلاكه».
من جانبه، يقول القاضي سعد محيي الجبوري ان «المشرع العراقي لم يصدر قانونا خاصا بالميراث وإنما وضعه ضمن قانون الأحـوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وخصص له بابا خاصا اسمه الميراث وحدد به الحقوق الشرعية ومن هم المستحقون للميراث وأجرى عليه بعض التعديلات وعدل في المادة (89 )، التي اعتبرت الأخت الشقيقة بحكم الأخ الشقيق في الحجب وكذلك المادة (90) التي قررت توزيع الاستحقاق على الورثة بالقرابة وفق الأحكام الشرعية السارية قبل تشريع هذا القانون والمادة (91 / 2) الفقرة ثانياً والتي أعطى فيها استحقاق البنت في حال عدم وجود ابن للمتوفى لما تبقى من التركة بعد أخذ الأبوين والزوج الآخر حصصهم منها، وقد تستحق جميع التركة في حال عدم وجود أي منهم، حيث كانت البنت في السابق لا تستحق هذا الشيء، لكن القانون اعتبرها تستحق التركة لوحدها وأعدها بحكم الابن في حال عدم وجود آخرين، أما في السابق فقد كانوا يدخلون الأعمام والأخوال ضمن التركة.
وأضاف الجبوري انه يتم احتساب ميراث الزوجات ويعتبرهن القانون شريكات بالثمن مهما كان عددهن سواء كانت زوجة واحدة فتأخذ الثمن من باب أولى أما إذا كانوا اثنين او ثلاثة أو أربعة فيقسم الثمن عليهن.
وخلص القاضي الى انه في حال كانت زوجة المتوفى حاملاً وجاءت لتحصل على قسام شرعي، فالمحكمة توجه الخبير القضائي ليتم احتساب الميراث فيعطى له حصة (ذكر) ويحتسب ذكراً لحين وضع الحمل، فاذا كان ذكراً فله حصته، أما إذا كانت أنثى فتجرى عملية تقسيم جديدة للمسألة الإرثية ويتم تصحيح القسام الشرعي وتصدر أمراً بهذا الخصوص».
وفي حالة إذا كانت الزوجة مطلقة
طلاقا رجعياً وكانت ضمن مدتها الشرعية فترث منه وتنتقل إلى عدة الوفاة فتعتد أربعة أشهر وعشرة أيام من يوم وفاته.