هجرة الريف والسكن

اقتصادية 2021/07/17
...

ثامر الهيمص
 
لا يُنكر الجهد الرسمي في معالجة أزمة السكن في المدن، رغم مشكلات التمويل والاستثمار التي ظلت في اطارها التقليدي رغم استثنائية الحالة، فحاجتنا لثلاثة ملايين وحدة سكنية تتصاعد، وزخم العشوائيات يسابق الزمن بـ (4 آلاف) عشوائية، 1200 منها في بغداد فقط، رغم مشاريع توزيع الاراضي ومجمعات سكنية بين شرائح معينة. 
هذا الاستثناء في حل أزمة السكن ناجم عن تراكمات أربعة عقود، ولا يمكن حسم أمره بخطة خمسية، لذلك ينبغي رفده بمشاريع ساندة لا تكلف الموازنة السنوية لنتمكن من مواكبة مضاعفات الأزمة.
فالأزمة (جذرها ريفي)، فالريف تراجع انتاجه الزراعي بشكل مريع بسبب مشكلة المياه والتصحر والتملح، ليهجر الفلاح قريته وقصبته الى الناحية او القضاء، فتراكمت العشوائيات فيها طلبا لخدمة الماء والكهرباء والتعليم والصحة.
عشوائية القرى الزراعية هي مرحلة اولى للهجرة الى المدن، تصدى لها متطوع بمشروع (الالف دينار)، إذ يطلب المتطوع من صاحب المشروع، من اصحاب المصالح والمهن، مبلغ 1000 دينار كحد ادنى، لينشئ (صندوق إسكان) من خلال الفيس بوك، وانجز عبرها بناء 33 داراً، وزعها بين الأفقر في عشوائية ناحية الشوملي/ محافظة بابل، ولديه الان عمل جارٍ للتوسع الى 25 دارا أخرى، سانده في مشروعه شباب الشوملي بالعمل التطوعي، واقتدى به شباب ناحيتي القاسم والطليعة، والعمل مستمر.
مثل هذه المبادرات تمثل نزعة المواطنة لمعالجات ليست للسكن فحسب، بل للاسهام المباشر في تعزيز التضامن، الذي يحمي المجتمع من آفات كثيرة، كما أنها ـ وبعد ان يطمئن المهاجر من الريف على سكنه وصحته ومدرسة اولاده، ستكون حافزا للعودة الى الزراعة بعد أن أمن توفر الخدمات، كما ان تحويل هذا العمل التطوعي الفريد الذي أسهم فيه أقارب المتطوعين في الخارج بشراء الأرض ومساعدة متواصلة يوثق ويعزز الصله بعراقيي الخارج.
بالمقابل ولغرض تعزيز هذه المبادرات، ينبغي دعمها ورعايتها من خلال مساعدة إدارات النواحي والأقضية، بآلياتها وأراضي الدولة، من دون تدخل او مساومات لتسييس هذا الامر، ويمكن دعوة بقية النواحي والاقضية ومراكز المحافظات لدعم من يتقدم ويتصدى لحل أزمة السكن، ليصبح الباب مفتوحا للجهات الخيرية والدينية للمساهمة الفاعلة في توفير السكن المجاني لشريحة الفقر المطلق، ودعوة الخيريين لدعم صناديق الإسكان المجاني كصدقة جارية، لكل من يسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
لا تفوتنا الاشارة الى وجود بيوت سريعة الانشاء، بدل البناء التقليدي، وبأقل كلفة، جهدا ووقتا، فهذه معالجة مقترحة لمشاريع الاسكان الريفي لشرائح الفقراء، تدفع باتجاه إحياء الزراعة والانتاج الحيواني، خصوصا بعد توفر الخدمات الاساسية، لتصبح الهجرة للمدينة لا تشكل عشوائية اضافية.