أزمة الأنهار الدوليَّة

آراء 2021/07/18
...

 حميد طارش
 
تعد أزمة الانهار الدولية تحديا كبيرا في القانون الدولي، الذي استقرت فيه مبادئ عدة لمواجهة ذلك التحدي، تمثلت بعدم اعتبار النهر ملكية مطلقة لدولة المنبع ومنع القيام بأي منشآت هندسية أو سدود على النهر، قبل التوافق عليها بين الدول المشتركة فيه ومنع تحويل مجرى النهر وحرمان دولة أخرى منه، والتزام دولة المنبع بالامتناع عن إلحاق الضرر المائي بدول المجرى والمصب، وفي حالة حدوثه فيترتب عليه التعويض عن تلك الاضرار، وتنظيم الاستفادة من الانهار الدولية عن طريق ابرام الاتفاقيات الدولية، واذا ما حصل أي نزاع بشأن تفسير تلك الاتفاقية أو الاخلال بها أو اية مشكلة أخرى تتعلق بالنهر، فيمكن حسمها عن طريق التفاوض الدبلوماسي والطرق السلمية الاخرى، كالواسطة والمساعي الحميدة، فاذا لم تفلح في ذلك يتم اللجوء الى محكمة التحكيم أو محكمة العدل الدولية لإصدار قراراتها الملزمة لاطراف النزاع، ولأن هاتين المحكمتين لا يتم اللجوء لهما الّا بموافقة اطراف النزاع مما يعطل وسيلة الحل الالزامي، نرى ضرورة النص في الاتفاقية على اللجوء الى محكمة العدل الدولية، لتكون إعلانا مسبقا وملزما في الولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية، لنضع بذلك حداً للنتائج الخطيرة، التي تهدد حياة الناس وربما تكون سبباً للحروب الدولية.
 وهذا ما يحصل الآن في حوض نهر النيل بين دولة المنبع أثيوبيا والسودان دولة المجرى ومصر دولة المصب، بسبب بناء سد النهضة من قبل أثيوبيا، والامر نفسه واقع بين العراق وسوريا وتركيا وايران، الّا أنه مسكوت عنه!، وعادةً تكون دولتا المجرى والمصب هما الاكثر تضرراً، فعند بناء السدود من قبل دولة المنبع تقل حصتهما المائية، وعند الفيضان فإن أضراره تقع عليهما، وللاسف تُستغل أزمات الدول الداخلية وضعفها وإنقسامها في التجاوز على حصصها المائية، مما يفاقم مشكلاتها التي تمتد آثارها الى دولة 
المنبع!.
ويأتي في هذا السياق «السياسي» تصريح وزير الخارجية الفرنسي بشأن سد النهضة بأنه ليس من اختصاص مجلس الأمن! وكأنه لم يقرأ ميثاق الامم المتحدة، الذي ينص على صلاحية مجلس الامن بفحص أي موقف أو نزاع يهدد الامن والسلم الدوليين، والأسوأ من هذا كله عندما لا يتوحد الموقف السياسي العراقي برؤية فعالة لحل عادل مع دول 
الجوار.