الكهرباء.. التبريرات والأسباب والحلول

آراء 2021/07/25
...

 محمد حسن الساعدي 
 
واجه العراق منذ عام 1991 أزمة في الكهرباء عُدت من أكبر الازمات، التي واجهت البلاد، وأعتبرت الاهم والاكثر هماً للمواطن العراقي، كونها تلامس حياته ومصالحه، وطول هذه الازمة لم نجد الحلول الناجعة والكفيلة بحلها طيلة هذه السنوات، وعلى الرغم من أن أزمة الكهرباء لا تحتاج الى حلول ترقيعية، بقدر ما تحتاج الى الحلول تنهي معاناة المواطن وتقدم له أبسط الخدمات ألا وهي الكهرباء، بالمقابل فان وزارة الكهرباء أعلنت مراراً وتكراراً انها لا تعاني من مشكلة انتاج، لأن الانتاج يكفي لسد الحاجة، ولكن المشكلة تكمن في التوزيع والشبكات الناقلة والتي عمرها يمتد الى عشرات السنوات من دون صيانة أو أصلاح، ما يعني أن هناك هدراً للطاقة الكهربائية بشكل كبير جداً، الى جانب ملفات الفساد الكبيرة التي شابت عمليات الانتاج او التوزيع، وهذا بحد ذاته يعد من المشكلات الرئيسة في هذا الملف الشائك والخطير.
الجهات السياسية التي تولت ملف الكهرباء منذ تشكيل اول حكومة بعد عام 2003 والمستفيدة من هذا التلكؤ تحاول إيهام الجمهور وترسيخ فكرة أن أزمة الكهرباء داخلية، وإن المشكلات الحاصلة هي بسبب التدخلات الخارجية في ملف الكهرباء، الامر الذي يثير السخرية من تدخل الدول الاقليمية أو الاجنبية في ملف يعد من اسهل الملفات في أقل دولة في المنطقة عموماً، كون مسألة الكهرباء ليست بالامر الصعب، بل إن هناك ملفات كبيرة ومهمة يمكن ان تكون عامل ضغط على العراق وحكومته، الى جانب أن جميع دول العالم تسعى لان تحصل على استثمارات في أي من القطاعات الاستثمارية لاسيما قطاع الطاقة ولكن لم يصل هذا الجهد والسعي لدرجة التدخل في تفاصيله ومنع عمليات الانتاج وتحسين الطاقة في البلاد.
إن الازمة الحالية يمكن تلخيصها بأنها أزمة ادارة، أي عدم قدرة أي من الادارات التي قادت الوزارة بعد عام 2003 على تحسين الانتاج وتطوير عملية التوزيع، إضافة الى عدم وجود خطة مستقبلية لادارة هذا الملف الشائك وتوزيعه بصورة صحيحة، يتسق مع حجم الكثافة السكانية المتزايدة في البلاد، الى جانب الضعف وعدم وجود الجرأة في اتخاذ القرارات الحساسة والمصيرية في هذا الملف، والتي من شأنها ملاحقة شبكات الفساد في الوزارة، وإدارة هذا الملف بصورة شفافة وواضحة، كما أن قِدم وتهالك شبكات النقل والتوزيع يُعدان من أهم وأبرز المشكلات والمعوقات، التي تقف عائقاً أمام حل مسألة الكهرباء، والتي من السهولة حلها عبر التعاقد مع شركات عالمية رصينة تستلم هذا الملف الحساس ومعالجته وإيقاف الهدر فيه.
إن بقاء ملف الكهرباء بوضعه الحالي، يعني عدم وجود إرادة حقيقية لحل الازمة ومعالجتها سريعاً، وهذا إن دل فانما يدل على الاهداف والغايات التي تقف وراء إبقاء ملف الكهرباء على حاله دون أي تطور أو تقدم، وعلى الرغم من صرف وزارة الكهرباء لاكثر من 170 مليار دولار منذ عام 2003 على قطاع الكهرباء، الا ان ثمار هذه المبالغ لم نر لها اثر على ارض الواقع حتى ولو بالقدر اليسير، والذي يخفف من معاناة المواطن، لذلك سعت حكومة السيد الكاظمي الى التواصل مع شركة سيمنز الالمانية، وفتحت باب الحوار معها لاستلام ملف الكهرباء، واشترطت أن يكون التعامل مع الحكومة الالمانية مباشرة، لذلك فان من ابرز الحلول الموضوعة في العالم لمثل هكذا مشكلات هو التحول باتجاه الطاقة النظيفة، والتي من مصاديقها الطاقة الشمسية، والتي من مميزاتها توفرها وسهولة استثمارها، وانخفاض كلفة انتاجها، إضافة الى ميزة الحفاظ على البيئة من التلوث، وفعلاً تم التعاقد على انتاج (6000) ميجاوات كتجربة اولى لتقييم مدى نجاح التجربة للشروع بها مستقبلاً.