حق حضانة الطفل

آراء 2021/07/25
...

 يعقوب يوسف جبر
المادة 57 من أبرز المواد القانونية المثيرة للجدل التي تضمنها قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، وهذه المادة بفقراتها واحكامها المتعددة، تتعلق بحق حضانة الطفل، ولقد احتدم الجدل بين المتابعين والمراقبين وفقهاء القانون وفقهاء التشريع الإسلامي وفقهاء المذاهب الإسلامية، وبين الأزواج المنفصلين عن زوجاتهم حول الاحقية في احتضان الطفل، ومن هو الأصلح لحضانته والعناية به وتربيته في حال حصل الانفصال بين الزوجين، هل الأم أصلح وأحق أم الأب؟.
نصت هذه المادة على أن الأصل لبقاء الطفل معها هي الأم، لكن بشرط امانتها وصلاحها لتربيته والعناية به، لكن رغم ذلك برزت ولا تزال تبرز مشكلات تربوية منها طبيعة علاقة زوج الام بالطفل، خاصة إذا كان الطفل انثى ثم ترعرعت وكبرت في بيت زوج امها، وهل يمكن الاطمئنان عليها من الناحية الأخلاقية، يقينا أن هذه المشكلة قد ظهرت ولا تزال تظهر، حتى انها أدت إلى بروز مشكلات اجتماعية بين زوج الام واب الطفل، كما أن امتداد مدة حضانة الام لطفلها لعشر سنوات متتابعة تتخللها أوقات مشاهدة محدودة للاب؛ قد أدى إلى ضعف الرابطة الروحية بين الأب والطفل، حتى وصل الامر حدا لا يطاق، فلقد اصيب بعض الاطفال بعقدة الكراهية لآبائهم، وهذه نتيجة مأسوف عليها، إذ ينقطع حبل المودة بين الأب وابنه، كما أن بعض الأمهات يجتهدن في تشويه سمعة آباء الأطفال.
لذلك من الصعب تغليب احكام هذه المادة وفرضها على مجتمعنا الذي يحرص كثيرا على حماية الأسرة ووحدتها وعلاقة أفرادها، وصيانتها من التفكك والتحلل والتشرد، لذلك كان الافضل ان تصاغ فقرات واحكام مادة الحضانة بشكل ومضمون جديدين، يصب في مصلحة الطفل قبل مصلحة والديه، لذلك ينبغي الرجوع إلى فقهاء الشريعة الإسلامية من مختلف المذاهب، لكي يصدروا فتوى مشتركة تتضمن أحكاما رصينة تعالج هذه المشكلة، والتي تخص المسلمين وليس غيرهم، اما بقية الأديان فيمكن تنظيم هذه العلاقة بما يتناسب مع طبيعة العلاقات التي تربط بين أفراد هذه الديانات. 
الخلاصة لا بد من اعتماد أحكام لتنظيم الحضانة والرعاية بالشكل الذي لا يتنافى مع أحكام الإسلام وهو مبدأ دستوري نص عليه دستور العراق الدائم لعام 2005.
كما أن هذه العلاقة الخطيرة وماهية الأحكام التي تنظمها اجتماعيا وتربويا لها آثارها الاجتماعية والأخلاقية على الطفل، فإذا كانت الأحكام رصينة فإن الطفل سينشأ وسيترعرع بالشكل والجوهر الإيجابيين، فيكون إنسانا صالحا في الحياة الاجتماعية. اما لو كانت هذه الأحكام هشة وغير رصينة فإنها ستقود إلى تنشئة اطفال يعانون من العقد النفسية والاجتماعية الضارة بهم، مما يفضي إلى بروز طبقة اجتماعية غير متوازنة على الصعيد النفسي والتربوي والأخلاقي.