ماذا تعني الانتخابات هذه المرة؟

آراء 2021/07/27
...

   سعاد حسن الجوهري 
 
كالعديد من شعوب المعمورة من حق شعب هذا الوطن أنْ يعيش في بلدٍ يرفل بالخيرات التي حباها الله به أو أنْ يتمتع بمستقبل زاهر رسمته سنوات صبره الطويلة ومكابداته الأليمة. من حق أي عراقي أنْ يكسب لأسرته لقمة العيش الكريم من دون منغصات وأنْ يكون له وطن فيه مدارس محترمة ومستشفيات مجهزة وملاعب متطورة ومرافئ جميلة و....... كل شيء. لكنْ لا يأتي كل هذا من دون تغيير. بالطبع تغيير بكل شيء حتى بذهنيتنا التي صعقتها تجربة عمرها 18 عاماً. تغيير بكل شيء. حتى بقناعاتنا التي جثمت عليها أمور فرضها الواقع. حتى برؤيتنا ولما يدور حولنا.
بلدنا من البلدان التي ارتضت لنفسها نمط الحكم البرلماني وهذا يستند في أساسه على اللعبة الديمقراطية التي هي في جوهرها أداة عمليَّة لضمان الأمن الداخلي والحرية الشخصية فيمكن من خلالها خلق نظام يستطيع الشعب فيه أنْ يستبدل الإدارة الحاكمة من دون تغيير الأسس القانونيَّة للحكم فتقل بذلك مخاطر عدم الاستقرار السياسي وطمأنة المواطنين بأنه مع كل امتعاضهم من السياسات الحالية فإنهم سيحصلون على فرصة منتظمة لتغيير حكامهم أو تغيير السياسات التي لا تتفق مع آرائهم وهذا نظام أفضل من الذي تحدث فيه التغييرات عبر اللجوء الى العنف كما تحصل في دول الانقلابات السريعة والحكومات المتذبذبة والدول الهشة.
هنا رُبَّ سائل يسأل (مشاركة الشعب بالانتخابات اكذوبة كبرى تنفع الأحزاب وتستميل الجماهير وسيتم إقصاء رأيه بعد الانتخابات فما الفائدة إذاً؟). الجواب: علينا أنْ نؤمن بأننا لو تراجعنا أو انحسرنا أو حتى ترددنا سيُقضَم من ساحتنا ويضاف للآخرين فرصة التمدد أو يتعثر المسار ويضمحل الأمل. إذاً لا مناص إلا أنْ نخوض غمار هذا المعترك بشجاعة وطموح يحسن الاختيار هذه المرة. اختيار من يدرك الفرق بين التكليف والتشريف. اختيار من يجد نفسه في موقع المطالبة بحقوق أهله وناسه ومنطقته ويوصل نداء الحقوق لمن إئتمنه الى أصحاب القرار. اختيار من يجد نفسه أمام واجب شرعي ووطني وأخلاقي لإنصاف من فوضه ويكون الصوت الصادح في كل مكان ينتخي عزيمته وهمته وغيرته ويجد نفسه مطالباً بالإيفاء للثقة التي تعلقت برقبته وضميره. علينا أنْ نعملَ على تحفيز كل ذي حق أنْ يتقدم لا أنْ يتراجع. أنْ يبادر لا أنْ يخاف. أنْ يقف شامخاً مطالباً لا ساكتاً مهادناً. حينها يكون للنداء من أجل الوطن معنى. وللعزيمة من أجل الحق المشروع طعمٌ. وللهمة من أجل الشعب صوتٌ. وللغيرة من أجل الكرامة صدى. فحينما يكون {العراق} هو الهم الأكبر تهون الخطوب وتضمحل التحديات. علينا إذاً أنْ ندرك أنَّ التغيير قادم ونحن من يصنعه.