حامد خضر.. راهب المسرح العراقي

منصة 2021/07/27
...

  د. عامر صباح المرزوك
 
{المسرح وطن.. ينبغي ألا نخونه..} حامد خضر
صدر مؤخراً ضمن سلسلة كراسات مسرحية العدد 1 كتاب (حامد خضر.. راهب المسرح العراق) للناقد والمخرج المسرحي الدكتور بشار عليوي عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل بواقع 99 صفحة من القطع الوزيري.
إنَّ سلسلة كراسات مسرحية، هي مشروع شخصي ذو صبغة معرفية ابتكره الناقد عليوي، مُحاولاً من خلالهِ التعريف بشخصيات ورجالات المسرح، ممن كانت لهم معه محطات مُهمة في حياته، وهذهِ الكراسات التعريفية التي تحمل كلَّ واحدةٍ منها عدداً مخصوصاً بها، تأتي كجُزء من الوفاء لهؤلاء الشخصيات وعرفاناً بصنيع جميلهم معه في الحياة والمسرح وعلى المُستويات كافة، كما تضم السلسلة عدداً من الاتجاهات المسرحية، ممن كانت له معهم محاورات ومُقاربات، فتلك الاتجاهات لها حضور وازن في المشهد المسرحي المعاصر. 
كُرس هذا العدد من السلسلة عن المُعلم المسرحي الذي رحلّ دونَ وداع، النبيل (حامد خضر 1955 - 1997)، هوَ أول مطبوع عن هذا المعلم والفنان والإنسان الاستثناء في كُل شيء، يتناول بشيء من التفصيل مُتتبعاً حياتهِ وسيرتهِ الذاتية والإبداعية وولادتهِ ونشأتهِ في مدينة الحِلّة، ودراستهِ في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وكلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، وعملهِ في السينما والتلفزيون، ومرحلة التدريس في قسم الفنون المسرحية بمعهد الفنون الجميلة/ بغداد، وما رافقها من أحداث، وأعمالهِ المسرحية التي قدمها حتى وفاتهِ.
كما يحتوي الكُراس على باقةً من الاستذكارات الخاصة بالمؤلف، دونها بعد وفاة الفنان حامد خضر بستة شهور، فضلاً عما كتبهُ من مدونات في الصحف والمجلات العراقية بعد رحيلهِ وعلى مدى عدة سنوات، وكذلك التعريف بأول مسابقة للنصوص المسرحية التي حملت اسمهُ وأُقيمت في بابل عام 2001، وخطوات الوفاء من قبل طلبهِ وزملائهِ، وبيان تنظيري بقلمهِ، فضلاً عن مدونة حملت عنوان (حامد خضر في عيون مُحبيهِ)، تم ترتيب المُساهمات فيها وفقاً للترتيب الأبجدي لأسماء المُشاركين, ويُختتم الكُراس بمجموعة من صور مُتفرقة للنبيل الراحل حامد خضر رحمه الله.
الذي يقرأ هذا الكتاب بشغف، سيتلمس ذلك النبل والوفاء للفنان حامد خضر الذي قد أثر بجيل كامل من الشباب وقتذاك، ولعل أحد هؤلاء الشباب المسرحي هو المؤلف، وبحسب اعتقادي كان الأوفى لحامد، رغم أنه لم يدرس تحت يديه بشكل أكاديمي، ولم يعمل معه على خشبات المسرح، لكنه تتلمذ على يديه من خلال مجموعة من اللقاءات والنصائح التي كان لها الصدى الأكبر في مسيرة بشار والتي دونها في متن هذا الكتاب.
ويقول المؤلف في هذا الصدد: هي أقداري التي ساقتني إليكَ ومعك، منذ أُول لقاء بترحاب وحفاوةٍ منكَ الى آخر لحظة حينما رحلتَ عنا دون وداع، ما زلتُ أستعيدُ بعد مُضيّ كُلَّ تلكَ السنين، ذكرياتي معك ولقاءاتي بكَ وكأنها الأمس. تساءلتُ وما زلتُ أتساءل، لماذا حامد خضر بالذات؟ وماذا فعلتَ أنتَ حتى تترك فينا كل هذا الأثر والتأثير؟ وتتوارى الإجابات حينما أستحضرُ روحكَ وصوتك وهمسك وعنفوان شخصيتكَ والعِبر والدروس التي كنتَ قاصداً أن ننهلها منكَ.
لم يعش حامد سوى 43 عاماً وقد خطفه الموت، لكنه قدم الكثير للمسرح العراقي على صعيد الجانب التربوي والتدريسي، فكانت بصماته واضحة وهو يدرس طلبته في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وقد تخرج على يديه عشرات الطلبة الفنانين الذين أصبحوا اليوم أصحاب بصمات على خشبات المسرح، وبالجانب الآخر حضوره الكبير في تقديم الأعمال المسرحية ممثلاً ومعداً ومخرجاً، ومن أهم أعماله: (الدربونه 1974، انشودة مسافر من الضفة الغربية 1974، النساجون 1975، حجايات أمس 1975، الرجال لهم رؤوس 1976، المحاكمة 1976، أيها الناس أنتم يا عرب 1977، مسافر ليل 1979، عمارة أبو سعيد 1984، الأغنية الأخيرة 1987، أرض الفظة 1988، عن علاقات الدائرة 1984، يوم من القيامة 1992، الاحتفالية الكبرى 1993، الذي لم يقل كلمته بعد 1994، كومدوس 1994، المحذوف يتألق ثانية في عالم الأضداد 1995، الف حلم وحلم، المجنون).
وأخيراً شكراً للناقد الدكتور بشار عليوي وهو يثبت بإنَّ الوفاء هو ديدنه، وأنَّ الاعتراف بالفضل هو منطق الحياة، وأنْ نعيد تراث مبدعينا هو ما نطمح إليه، وسننتظر بكل شغف إصدار عددٍ جديدٍ من سلسلة كراسات مسرحيَّة ليتحفنا بنتاجات مسرحيَّة جديدة.