إشكالية الوجود العسكري الاميركي في العراق

آراء 2021/07/27
...

  أ.د.جاسم يونس الحريري
 
منذ الغزو والاحتلال الاميركي للعراق في أذار/مارس2003 أصبح الوجود العسكري الاميركي يثير التساؤلات، لاسيما بعد الانسحاب الاميركي من البلاد العام 2011، الا أن الاشكالية في هذا الامر أن الحكومة العراقية وقعت مع واشنطن اتفاقا يبيح استضافة قوات أميركية في القواعد العسكرية العراقية من باب الدعم اللوجستي. ويمكن التذكير والاستشهاد بقرار البرلمان العراقي الذي الزم الحكومة العراقية بانهاء الوجود الاجنبي في العراق. وقد حسم السيد مصطفى الكاظمي بعيد مغادرته العراق يوم الاثنين الموافق25 /7/2021 موقف العراق من الوجود العسكري الاميركي بالقول (لسنا بحاجة قوات قتال أميركية ولكننا نريد الدعم والتعاون)، وأضاف الكاظمي أننا نؤيد استمرار (التدريب وجمع معلومات استخبارية عسكرية من الولايات المتحدة)، مؤكدا أن (قوات الامن والجيش في العراق قادرة على الدفاع عن البلاد بدون دعم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة)، الا أن السيد الكاظمي أعاد التأكيد (ما نريده من الوجود الاميركي في العراق هو دعم قواتنا بالتدريب وتطوير كفاءتها، وقدراتها، والتعاون الامني).
تحليل واستنتاج:
1 - إن تصريحات السيد الكاظمي بشأن عدم جدوى بقاء القوات العسكرية الاميركية في العراق كانت واضحة جدا، وصريحة للغاية، الا أن واشنطن ومن خلال تعاملها مع العراق منذ الغزو والاحتلال حاولت خلق الذرائع، وصنع (عدو) يبرر، ويشرعن وجودهم العسكري في العراق، وتأجيج الاوضاع في الساحة العراقية من خلال التأثير المرئي وغير المرئي، واثارة الشارع العراقي وايجاد الوقيعة بين الشعب والحكومة العراقية ومسؤولياتها تجاهه، سواء كانت مسؤوليات خدمية، أو معيشية، أو اقتصادية، أو أمنية، وعسكرية، من أجل ايصال رسالة مفادها، بأن العراق ما زال يعيش أتون مرحلة انتقالية من ضعف الملف الامني عبر عمليات ارهابية تقوم بها خلايا داعش الارهابية هنا وهناك، الا أن واقع الحال يقول: إن القوات العراقية من الجيش والشرطة وقوات مكافحة الارهاب والحشد الشعبي أثبتت قدرتها وسيطرتها على الملف الامني منذ الانجاز الكبير في تحرير الموصل العام 2017 من براثن عصابات داعش الاجرامية وحتى الان، ومن دون دور حقيقي لقوات أميركية في هذا المجال.
2 - الاميركان يحاولون المماطلة في جولات الحوار الستراتيجي مع العراق، وتبرير وجودهم العسكري من خلال التلاعب بالالفاظ وتغيير العناوين من (قوات عسكرية) في العراق الى قوات (استشارية تدريبية) مع الاحتفاظ بقرار وبموعد تخفيض تلك القوات بحجة ملاءمة التخفيض، مع تحسن الوضع الامني وقلة تهديدات داعش على العراق، إذ أعلن أن الانسحاب سيكون في شهر كانون الاول/ ديسمبر 2021 الا أن الاميركان يمكنهم التلاعب بهذا الموعد بحجة عدم استقرار الاوضاع الامنية في العراق.
3 - هناك ضغط شعبي، وسياسي منقطع النظير برفض الوجود العسكري الاميركي في العراق وامكانية تعرض هذه القوات للهجوم لاجبارها على الانسحاب بالطرق الدبلوماسية، مما سيشكل الوجود العسكري هناك عاملا للاحتقان وعدم الاستقرار واثارة الشارع العراقي والاجدر منها الانسحاب من دون خسائر بشرية ومادية لقواتها، والابقاء على علاقاتها الدبلوماسية، والسياسية مع العراق وليس فرض وجودها العسكري بالقوة أو تحويلها الى مادة للشد والجذب عبر طاولة المفاوضات.
4- يمتلك العراق مؤسسات عسكرية معدة للتدريب وتطوير كفاءة المقاتل والقيادات العراقية ومنها (جامعة الدفاع للدراسات العسكرية العليا) التابعة لوزارة الدفاع، التي تعد من أشهر وأعرق المؤسسات العسكرية العليا في الشرق الاوسط والوطن العربي، لامتلاكها كليات تخصصية في التدريب والاعداد النفسي والبدني للمقاتل العراقي منها الكلية العسكرية، وكلية الحرب، وكلية الاركان، وكلية الدفاع الوطني.