النار العراقية

آراء 2021/07/27
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
النار هي النار، في الهند وفي الصين، في اميركا وروسيا، والاردن والبحرين، ومدغشقر، وجزر القمر، وهاييتي ورواندا، وفي انحاء الكون كله، نجدها صديقة حميمة للماء، من دون ان يبغي احدهما على الاخر، فلا النار نفخت الماء فتبخر، ولا الماء أطفأ النار، فترمدت.
 
في كل بلدان العالم تمارس النار مهامها  في تحريك المصانع العملاقة، والقطارات و»التريلات» وكل انواع السيارات، والبواخر التي تمخر عباب البحار، والصواريخ العابرة للقارات، والطائرات، صغيرها وكبيرها..
ونارنا لا تختلف عن نار العالمين، ربما اختلافها البائن، هو ازليتها، اذ ما زلنا ومنذ دهور طويلة، ننظر الى تلك النار دائمة الاشتعال المنبعثة من رحم ارض العراق، في محافظتي البصرة وكركوك، بسبب احتراق الغاز المصاحب للنفط، هذا الغاز الذي يمثل ثروة هائلة فيها (60 حظ)، الا انها تذهب جفاء.
هكذا عرفنا نارنا في سابق الازمان والدهور، ولكنها هذه المرة، قررت ان تتولى مهام جديدة، مستغلة انتشار كورونا وبناتها المتحولات «ألفا» و»بيتا» و»غاما» و»دلتا» اللواتي فقن امهن في مستوى الفتك بالبشرية، فازداد عدد ضحاياهن بنحو مرعب وخطير، في العراق، وفي كل بلدان العالم، وهنا استغلت نارنا الظرف، لتدخل على خط الازمة بقوة، حرقا وتخريبا، فبدأت في مستشفى ابن الخطيب ببغداد، ملتهمةً  البشر والحجر، لتحيل المشهد الى مزيج من الركام والاشلاء، وعاشت الدولة في حينها وبجميع فعالياتها الرسمية والشعبية، حالة من الحزن واللوم، والبحث عن الذي حرّض النار وشجعها ووفر لها الاجواء المناسبة لترتكب جريمتها الشنعاء، بحق أولئك الذين لجؤوا الى «ابن الخطيب» طلبا للنجاة، من الفيروس اللعين، فكان ما كان من اجراءات ولجان وتحقيقات، انتهت بمغادرة وزير الصحة منصبه، وحمد الناسُ اللهَ على البلوى، على امل ألا تتكرر الجريمة في مكان اخر، وكان من المفترض بعد كارثة «ابن الخطيب»، ان تكون هناك اجراءات حازمة وصارمة، في جميع المشافي والمؤسسات، لمنع تكرار الجريمة، الا ان ماجرى بدا وكأنه «فرّة عرس»، فوقعت  ذات المصيبة، هناك في مستشفى الحسين بمدينة الناصرية.
وقطعا، لو التزم الجميع باجراءات السلامة والامان، لما كان ما كان، ومن هذه الاجراءات، عدم السماح لاي كان بالتعامل مع قناني غاز الاوكسجين، الا من قبل المختصين، وعدم السماح بدخول اكثر من مرافق واحد مع المريض، ومنع الزيارات للمصابين بكورونا، وتوفير قناني اطفاء الحرائق، لتكون جاهزة عند الضرورة، وتوفير سيارة اطفاء مرابطة بنحو دائم في جميع المستشفيات، مع عدد معقول من سيارات الاسعاف، وتأمين مخارج طوارئ معلومة، والاهم من ذلك ان تكون هناك متابعة صارمة لضمان تأمين تلك المتطلبات، وهنا يمكن ان نتحدث عن امكانية عدم تكرار جرائم النار، التي باتت تنفذ جرائمها كلما اقترب العيد.