قاسم عبد الزهرة وفيليب عيسى/ ترجمة واعداد /انيس الصفار*
يقول مسؤولون أميركيون وعراقيون ان مقاتلي "داعش"، وهم بمواجهة الهزيمة المحتومة في سوريا، أخذوا يتسللون عبر الحدود الى داخل العراق حيث يساهمون في زعزعة الاستقرار الأمني في البلد. وأفاد ثلاثة مسؤولين أمنيين عراقيين ومسؤول عسكري أميركي بأن اكثر من 1000 داعشي ربما يكونون قد تمكنوا من النفاذ عبر الحدود الصحراوية المفتوحة خلال الاشهر الستة الاخيرة، متحدين بذلك العملية العسكرية الكبيرة التي تشنها عليهم القوات الاميركية والكردية وحلفاؤهما لطرد بقايا الجماعة الارهابية من شرق سوريا.
وبهذا الشأن يقول العميد يحيى رسول، المتحدث باسم الجيش العراقي: "تحاول عصابات "داعش" الارهابية أن تفرض وجودها داخل العراق بسبب الضغط الذي تواجهه في سوريا".
وتضم صفوف المتطرفين داخل العراق ما يتراوح بين 5000 و7000 عنصر، وهم مختبئون في المناطق النائية الوعرة التضاريس، على حد قول المسؤول المخابراتي.
في وقت ينشر فيه الجيش العراقي أكثر من 20 ألف جندي لحماية هذه الجبهة، ولكن المتطرفين يتسللون عبرها من مناطق الى الشمال من موقع المعركة الدائرة في سوريا، وذلك باستخدام الانفاق أو التستر بظلام الليل، ولكن بعضهم يدخل العراق أيضاً متخفياً بزي الرعاة، كما تفيد التقارير الاستخبارية ايضاً بان هؤلاء المتسللين يدخلون معهم أموالاً وأسلحة خفيفة، بالاضافة الى استخراج أموال واسلحة كانوا قد دفنوها منذ أيام سيطرتهم على مناطق واسعة من شمال العراق.
وقال يحيى رسول: "هذه المناطق لن يمكن السيطرة عليها حتى لو نشرنا فيها أعظم جيوش العالم، عملياتنا تعتمد على جمع المعلومات الاستخبارية وتوجيه الضربات الجوية".
في الماضي تمكنت حركات ارهابية قبل "داعش" من استعادة نشاطها بعد هزائم كبرى منيت بها، لذلك يخشى كثيرون من أن يتمكن هؤلاء الارهابيون من العودة أيضاً، ذلك أن الجماعة تشن منذ الان ما يمكن وصفه بعمليات تمرد منخفضة المستوى في المناطق الريفية، وقد أمكن لوكالة اسوشيتد بريس التثبت من قيام عصابات "داعش" بتسع هجمات داخل العراق خلال شهر كانون الثاني وحده، وحصلت الوكالة على هذه المعلومات من مسؤولين امنيين وشخصيات قيادية في المحافظات المعنية، وكذلك من وسائل التواصل الاجتماعي. ذات مرة اقتحمت عصبة من هؤلاء الارهابيين منزل رجل في قرية تل عصفور، الواقعة في الجزء الشمالي من سهل بادوش، واتهمته بأنه مخبر يوصل المعلومات الى الجيش. بعد ذلك أطلقوا النار على الرجل وقتلوه مع شقيقيه ثم نشروا الصور عبر مواقع التواصل.
وقال الشيخ محمد نوري، وهو من شيوخ عشائر تلك المنطقة، إن الهدف من هذه العملية كان ترويع الاهالي ومنعهم من نقل المعلومات الى المسؤولين الأمنيين.
في مناسبات أخرى قتل ارهابيو "داعش" مختارين واعضاء في المجالس البلدية كما هاجموا نقاط تفتيش بالسيارات المفخخة أو قنابل الهاون وأحرقوا منازل اشخاص ينتمون الى فصائل في الحشد الشعبي. وفي منطقة الشرقاط أوقف الارهابيون سيارة تابعة للشرطة خلال الشهر الماضي وقتلوا الضباط الأربعة الذين كانوا يستقلونها.
في يوم الاحد الماضي اختطف الارهابيون 12 شخصاً كانوا يجمعون الكمأ غرب محافظة الانبار للإعلان عن عودتهم الى ستراتيجية الترويع والتهديد لابتزاز المزارعين والتجار من اجل الحصول على المال. لذلك دعا نعيم الكعود، وهو رئيس الجهاز الامني في المحافظة، ابناء محافظته الى التوقف حالياً عن جمع الكمأ، الذي لا يظهر إلا في موسم واحد من السنة ويعد مصدراً مهماً للدخل بالنسبة للعوائل الريفية.
هذه لم تكن الحادثة الوحيدة من نوعها، كما قال جابر الجابري العضو السابق في مجلس النواب، إذ يفرض الارهابيون على جامعي الكمأ اقتطاع حصة يحددونها لأنفسهم مقابل السماح لهم بدخول تلك الاراضي، ومن يرفض التعاون يتعرض للاختطاف او القتل.
بيد ان الجابري يحذر من المبالغة في تضخيم خطر "داعش" ويقول إن الارهابيين كانوا أقل توفيقاً هذه المرة في اختراق المجتمعات المحلية مما كانوا قبل عشر سنوات، فهذا زمن مختلف.
* وكالة اسوشيتد بريس